كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

ضمير الشأن غير متجه اذ كل جملة كذلك لان الخبر لابد من اتحاده بالمبتدأ بحسب الذات ولايتحد به كذلك الا مضمون الجملة الذى هو مفرد وأجيب باختيار الشق الاول كما يرشد اليه تعبيرهم عن هذا الضمير احيانا بضمير القصة ضرورة أن مضمون الجملة الذى هو مفرد ليس بقصة وانما القصة معناها المبين فى باب القضية وأيضا يعدون مثل قوله صلى الله تعالى عليه وسلم أحق ماقال العبد وكلنا لك عبد لامانع لما أعطيت ولامعطى لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولاينفع ذا الجد منك الجد من الجمل التى هى عين المبتدأ فى المعنى الغير المحتاجة الى الضمير لذلك ومن المعلوم أن ما يقال ليس المضمون الذى هو مفرد بل هو الجملة بذلك المعنى ولذا تراهم يوجبون كسر همزة ان بعد القول وكذا تمثيلهم لها بنطقى الله حسبى وكفى أى منطوقى أى منطوقى الذى أنطق به ذلك اذ من الظاهر أن مانطق به الجملة بالمعنى المعروف وقد دل كلام ابن مالك فى التسهيل على المراد يكون الجملة التى لاتحتاج الى رابط عين المبتدأ انها وقعت خبرا عن مفرد مدلوله جملة وهو ظاهر فيما قلنا ايضا وكون ذلك شانا اى عظيما من الامور باعتبار ماتضمنه ووصف الكلام بالعظم ومقابله بهذا الاعتبار شائع ذائع وقال العلامة احمد الغنيمى ان اريد أنها عينه بحسب المفهوم فهو مشكل لعدم الفائدة وان اريد عينه بحسب المصدق مع التغاير فى المفهوم كما هو شأن سائر الموضوعات مع محمولاتها فقد يقال انه مشكل ايضا اذ ماصدق ضمير الشأن أعم من الله أحد والخالص لايحمل على العام فى القضايا الكلية ودعوى الجزئية فى هذا المقام ينبو عنه تصريحهم بأن ضمير الشأن لايخلو عن ابهام وبعبارة أخرى ان ماصدق عليه ضمير الشأن مفرد وماصدق الجملة مركب ولاشىء من المفرد بمركب ولذا تراهم يؤولون الجملة الواقعة خبرا بمفرد صادق على المبتدأ ليصح وقوعها خبرا عن ضمير الشأن ينافيه تصريحهم بانها غير مؤولة بالمفرد وان كانت فى موقعه وأجيب بان معنى قولهم هو ضمير الشأن انه ضمير راجع اليه الموضوع موضعه وان لم يسبق له ذكر للايذان بانه من الشهرة والنباهة بحيث يستحضره كل أحد واليه يشير كل مشير وعليه يعود كل ضمير وقولهم فى عد الضمائر التى ترجع الى متأخر لفظا ورتبة منها ضمير الشأن فانه راجع الى الجملة بعده مسامحة ارتكبوها لان بيان الشأن وتعيين المراد به بها فما صدق الضمير هو بعينه ماصدق الشأن الذى عاد هو عليه فيختار الشق الثانى فاما ان يراد بالشأن الشأن المعهود ادعاء وتجعل القضية شخصية نظير هذا زيد واما أن يراد المعنى الكلى وتجعل القضية مهملة وهى فى قوة الجزئية كأنه قيل بعض الشان الله أحد وجاء الابهام الذى ادعى تصريحهم به من عدم تعين البعض قبل ذكر الجملة وحملها عليه وماصدق عليه الشان كما يكون مفردا يكون جملة فليكن هنا كذلك واستمحد الاول واحتمال الكلية مبالغة نحو كل الصيد فى جوف الفرا كما ترى فليتأمل وجوزوا ان يكون هو ضمير المسؤل عنه أو المطلوب صفته أو نسبته فقد أخرج الامام أحمد فى مسنده والبخارى فى تاريخه والترمذى والبغوى فى معجمه وابن عاصم فى السنة والحاكم وصححه وغيرهم عن أبى كعب ان المشركين قالوا للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يامحمد انسب لنا ربك فانزل الله تعالى قل هو الله أحد السورة وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبرانى فى الاوسط والبيهقى بسند حسن وآخرون عن جابر قال جاء اعرابى الى صلى الله تعالى عليه وسلم فقال انسب لنا ربك فانزل الله تعالى قل هو الله أحد الخ وفى المعالم عن ابن عباس ان عامر بن الطفيل وأريد ابن ربيعة أتيا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقال عامر الام تدعونا يامحمد قال الى الله قالا صفه لنا أمن ذهب هو أم من فضة أو من حديد أو من خشب فنزلت هذه السورة فاهلك الله تعالى اربد بالصاعقة وعامرا بالطاعون وأخرج بن أبى حاتم فى الاسماء والصفات عن ابن عباس ان اليهود جاءت الى النبى عليه الصلاة

الصفحة 270