كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
والسلام منهم كعب بن الاشرف وحيى بن أخطب فقالوا يا محمد صف لنا ربك الذى بعثك فانزل الله تعالى السورة وكون السائلين اليهود مروى عن الضحاك وابن جبير وقتادة ومقاتل وهو ظاهر فى أن السورة مدنية وجاز رجوع الضمير الى ذلك للعلم به من السؤال وجرى ذكره فيه وهو عليه المبتدأ والاسم الجليل خبره وأحد خبر بعد خبر وأجاز الزمخشرى أن يكون بدلا من الاسم الجليل على ماهو المختار من جواز ابدال النكرة من المعرفة وان يكون خبر مبتدأ محذوف أى هو أحد وأجاز أبو البقاء ان يكون الاسم الاعظم بدلا من هو وأحد خبره والله تعالى وتقدس علم على الذات الواجب الوجود كما ذهب اليه جمهور الاشاعرة وغيرهم خلافا للمعتزلة حيث قالوا العلم في حقه سبحانه محال لان أحدا لايعلم ذاته تعالى المخصوص بخصوصية حتى يوضع له وانما يعلم بمفهومات كلية منحصرة فى فرد فيكون اللفظ موضوعا لامثال تلك المفهومات الكلية فلا يكون علما ورد بانه تعالى عالم بخصوصية ذاته فيجوز أن يضع لفظا بازائه بخصوصه فيكون علما وهذا على مذهب القائلين بأن الوضع هو الله تعالى ظاهر الا انه يلزم أن يكون مايفهم لفظ الله غير ماوضع له اذلايعلم غيره تعالى خصوصية ذاته تعالى التى هى الموضع له على هذا التقدير والقول بانه يجوز ان يكون المفهوم الكلى آلة للوضع ويكون الموضوع له هو الخصوصية التى يصدق عليها المفهوم الكلى كما قيل فى هذا ونظائره يلزم عليه ايضا ان يكون وضع اللفظ لما لايفهم منه فانا لانفهم من أسمائه تعالى الا تلك المفهومات الكلية والظاهر ان الملائكة عليهم السلام كذلك لاحتجاب ذاته عز و جل عن غيره سبحانه ومن هنا استظهر بعض الاجلة ما نقل عن حجة الاسلام ان الاشبه ان الاسم الجليل جار فى الدلالة على الموجود الحق الجامع لصفات الالهية المنعوت بنعوت الربوبية المنفرد بالوجود الحقيقى مجرى الاعلام اى وليسى بعلم وقد مر مايتعلق بذلك أول الكتاب فارجع اليه بقى فى هذا المقام بحث وهو ان الاعلام الشخصية كزيد اما ان يكون كل منها موضوعا للشخص المعين كما هو المتبادر المشهور فاذا اخبر أحد بتولد ابن له فسماه زيدا مثلا من غير ان يبصره يكون ذلك اللفظ اسما للصورة الخيالية التى حصلت فى مخيلته وحينئذ اذا لم يكن المولود بهذه السورة لم يكن اطلاق الاسم عليه بحسب ذلك الوضع ولو قيل بكونه موضوعا للمفهوم الكلى المنحصر فى ذلك الفرد لم يكن علما كما سبق ثم اذا سمعنا علما من تلك الاعلام الشخصية ولم نبصر مسماه أصلا فانا لانفهم الخصوصية التى هو عليها بل ربما تخيلناه عل غير ماهو عليه الصور واما يكون جميع تلك الصور الخيالية موضوعا له فيكون من قبيل الالفاظ المشتركة بين معان غير محصورة واما أن يكون الموضوع له هو الخصوصية التى هو عليها فقط فيكون غيرها خارجا عن الموضوع له فيكون فهم غيرها من الخصوصيات منه غلطا فاما أن يترك دعوى كون تلك الاعلام جزئيات حقيقية ويقال انها موضوعات للمفهومات الكلية المنحصرة فى الفرد أو يلتزم أحد الاحتمالات الاخر وكلا الوجهين محل تامل كما ترى فتامل واحدا قالوا همزته مبدلة من الواو وأصله وحد وابدال الواو المفتوحة همزة قليل ومنه قولهم امرأة أناة يريدون وناة لانه من الونى وهو الفتور وهذا بخلاف أحد الذى يلازم النفى ونحوه ويراد به العموم كما في قوله تعالى فما منكم من أحد عنه حاجزين وقوله عليه الصلاة و السلام أحلت لى الغنائم ولم تحل لاحد قبلى وقوله تعالى هل تحس منهم أحد وقوله سبحانه فلا تدعوا مع الله أحدا وقوله عز و جل وان أحدا من المشركين استجارك فان همزته أصلية وقيل الهمزة فيه أصلية كالهمزة فى الآخر والفرق بينهما قال الراغب ان المختص بالنفى منهما لاستغراق جنس الناطقين ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق على نحو ما فى الدار