كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

أحد أى لا واحد ولا اثنان فصاعدا لامجتمعين ولامفترقين ولهذا لم يصح أستعماله فى الاثبات لان النفى المتضادين يصح ولايصح اثباتهما فلو قيل فى الدار أحد لكان فيه أثبات واحد منفرد مع اثبات مافوق الواحد يصح ان يقال مامن أحد فاضلين وعليه الآبة المذكورة آنفا والمستعمل فى الاثبات على ثلاثة أوجه الاول ان يضم الى العشرات نحو أحد عشر وأحد وعشرون والثانى أن يستعمل مضافا أو مضافا اليه بمعنى الاول كما فى قوله تعالى أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وقولهم يوم الاحد أى يوم الاول والثالث أن يستعمل مطلقا وصفا وليس ذلك الا فى وصف الله تعالى وهو أن كان أصله واحدا الا أن أحدا يستعمل فى غيره سبحانه نحو قول النابغة كأن رحلى وقد زال النهار بنا
بذى الجليل على مستأنس وحدى انتهى 0 وقال مكى أصل أحد واحد فابدلوا الواو همزة فاجتمع ألفان لان الهمزة تشبه الالف فحذفت احداهما تخفيفا وفرق ثعلب بين أحد وواحد بان أحدا لايبنى عليه العدد ابتداء فلايقال احد واثنان كما يقال واحد واثنان ولايقال رجل أحد كما يقال رجل واحد ولذلك اختص به سبحانه وفرق بعضهم بينهما أيضا بأن الاحد فى النفى نص فى العموم بخلاف الواحد فانه محتمل للعموم وغيره فيقال مافى الدار أحد ولايقال بل أثنان ويجوز ان يقال مافى الدار واحد بل اثنان ونقل عن بعض الحنفية انه قال فى التفرقة بينهما ان فى الاحدية لاتحتمل الجزئية والعددية بحال والواحدية تحتملها لانه يقال مائة واحد والف واحد ولايقال مائة أحد الا ألف أحد وبنى على ذلك مسئلة الامام محمد بن الحسن التى ذكرها فى الجامع الكبير اذا كان لرجل أربع نسوة فقال والله لاأقرب واحدة منكن صار موليا منهن جميعا ولم يجز ان يقرب واحدة منهن الا بكفارة ولو قال والله لاأقرب أحداكن لم يصر موليا الا من احداهن والبيان اليه وفرق الخطابى بأن الاحدية لتفرد الذات والواحدية لنفى لمشاركة فى الصفات ونقل عن المحققين التفرقة بعكس ذلك ولما لم ينفك فى شأنه تعالى أحد الامرين من الآخر قيل الواحد الاحد فى حكم أسم واحد وفسر الاحد هنا ابن عباس وأبو عبيدة كما قال الجوزى بالواحد وأيد بقراءة الاعمش قل هو الله الواحد وفسر بما لايتجزأ ولاينقسم وقال بعض الاجلة أن الواحد مقول على ماتحته بالتشكيك فالمراد به هنا حيث أطلق المتصف بالواحدية التى لايمكن أن يكون أزيد منها ولاأكمل فهو مايكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد خارجا وذهنا ومايستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة فى الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للالوهية وهو مأخوذ من كلام الرئيس أبى على بن سينا فى تفسيره السورة الجليلة حيث قال ان أحدا دال على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لاكثرة هناك أصلا لاكثرة معنوية وهى كثرة المقومات والاجناس والفصول وكثرة الاجزاء الخارجية المتمايزة عقلا كما فى المادة والصورة والكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما فى الجسم وذلك يتضمن لكونه سبحانه منزها عن الجنس والفصل والمادة والصورة والاعراض والابعاض والاعضاء والاشكال والالوان وسائر مايثلم الوحدة الكاماة والبساطة الحقة اللائقة بكرم وجهه عز و جل عن أن يشبهه شىء أويساويه سبحانه شىء وقال ابن عقيل الحنبلى الذى يصح لنا من القول مع اثبات الصفات أنه تعالى واحدا فى الهيته لاغير وقال غيره من السلفيين كالجاحظ ابن رجب هو سبحانه الواحد فى الهيته

الصفحة 272