كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الذي قد كمل فى عظمته والحليم الذي قد كمل فى حلمه والعليم الذي قد كمل فى علمه والحكيم الذى قد كمل فى حكمته وهو الذى قد كمل فى أنواع الشرف والسودد وعن أبى وعن أبى هريرة هو المستغنى عن كل أحد المحتاج أليه كل أحد وعن أبن جبير هو الكامل فى جميع صفاته وافعاله وعن الربيع هو الذى لاتعتريه الآفات وعن مقاتل ابن حيان هو الذى لاعيب فيه وعن قتادة هو الباقى بعد خلقه ونحوه قول معمر هو الدائم وقول مرة الهمدانى هو الذى لايبلى ولايفنى وعنه أيضا هو الذى يحكم مايريد ويفعل مايشاء لامعقب لحكمه ولا راد لقضائه وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال لاأعلمه الا قد رفعه قال الصمد الذى لاجوف له وروى عن الحسن ومجاهد ومنه قوله شهاب حروب لاتزال جياده
عوابس يعلكن الشكيم المصمدا وعن أبى عبد الرحمن السلمى عن ابن مسعود قال الصمد الذى ليس له أحشاء وهو رواية عن ابن عباس وعن عكرمة هو الذى لايطعم وفى لرواية أخرى الذى لم يخرج منه شىء وعن الشعبى هو الذى لايأكل ولايشرب وعن طائفة منهم أبى بن كعب والربيع ابن أنس انه الذى لم يلد ولم يولد كانهم جعلوا مابعده تفسير اله والمعول عليه تفسيرا بالسيد الذى يصمد اليه الخلق فى الحوائج والمطالب وتفسيره بالذى لاجوف له وماعداهما اما راجع اليهما أو هو مما لاتساعد عليه اللغة وجعل معنى كونه تعالى سيد أنه مبدأ الكل وفى معناه تفسيره بالغنى المطلق المحتاج اليه ما سواه وقال يحتمل أن يكون كلا المعنيين مرادا فيكون وصفا له تعالى بمجموع السلب والايجاب وهو ظاهر فى جواز استعمال المشترك فى كلا معنييه كما ذهب اليه الشافعى والذى اختار تفسيره بالسيد الذى يصمد اليه الخلق وهو فعل بمعنى مفعول من صمد بمعنى قصد فيتعدى بنفسه وباللام واطلاق الصمد بمعنى السيد عليه تعالى مما لاخوف فيه وان كان فى اطلاق السيد نفسه خلاف والصحيح اطلاقه عليه عز و جل كما فى الحديث السيد الله وقال السهيلى لايطلق عليه تعالى مضافا فلا يقال سيد الملائكة والناس مثلا وقصد الخلق أياه تعالى بالحوائج أعم من القصد الطبيعى والقصد بحسب الاستعداد الاصلى الثابت لجميع الماهيات اذ هى كلها متوجهة اى المبدأ تعالى فى طلب كمالاتها منه عز و جل وتعريفه دون أحد قيل لعلمهم بصمديته تعالى دون أحديته وتعقب بانه لايخلو عن كدر لان علم المخاطب بمضمون الخبر لايقتضى تعريفه بل أنما يقتضى أن لايلقى اليه الابعد تنزيله منزلة الجاهل لان افادة لازم فائدة الخبر بمعزل عن هذا المقام فالاولى أن يقال ان التعريف لافادة الحصر كقولك زيد الرجل ولاجاجة اليه فى الجملة السابقة بناء على أن مفهوم أحد المنزه عن أنحاء التركيب والتعدد مطلقا الى آخر ماتقدم مع انهم لايعرفون أحديته تعالى ولايعترفون بها وأعترض بأنه يقتضى ان الخبر اذا كان معلوما للمخاطب لايخبر به الا بتنزيله منزلة الجاهل أوافادنه لازم الخبر أو اذا قصد الحصر وهو ينافى ماتقرر فى المعنى من أن كون المبتدأ والخبر معلومين لاينافى كون الكلام مفيدا للسامع فائدة مجهولة لان مايستفيده السامع من الكلام هو أنتساب أحدهما للآخر وكونه هو هو فيجوز أن يقال هنا انهم يعرفونه تعالى بوجه ما ويعرفون معنى المقصود سواء كان هو الله سبحانه أو غيره عندهم ولكن لايعرفون انه هو سواء كان بمعنى الفرد الكامل أو لجنس فعينه الله تعالى لهم وقيل ان أحد فى غير النفى والعدد لايطلق على يره تعالى فلم يحتج الى تعريفه بخلاف الصمد فانه جاء فى كلامهم اطلاقه على غيره عز و جل أي كما فى البيتين السابقين فلذا عرف وتكرار الاسم الجليل دون الاتيان بالضمير قيل للاشعار بأن من لم يتصف بالصمدية لم يستحق الألوهية وذلك على ماصرح به الدوانى مأخوذ من افادة تعريف الجزأين الحصر فاذا قلت السلطان العادل أشعر بان لم يتصف

الصفحة 274