كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الذي هو صورة عقل الأب ثالثتها فاعلية الانبثاق فى الاقنوم الاول والثانى اللذين لهما الارادة رابعتها مفعولية هذا الانبثاق فى الاقنوم الثالث الذى هو حب الارادة الالهية التى للاقنوم الاول والثانى وزعموا أن التعبير الفاعلية والمفعولية فى الاقانيم الالهية على سبيل التوسع وليست الفاعلية فى الاب نحو الابن الا الابوة وفيه وفى الابن نحو روح القدس ليست الابدء صدوره منهما وليست المفعولية فى الابن وروح القدس الا البنوة فى الابن والانبثاق فى الروح ويقولون كل ذلك مما يجب الايمان به وان كان فوق الطور البشرى ويزعمون أن لتلك الاقانيم أسماء تلقوها من الحواريين فالاقنوم الاول فى الطبع الالهى يدعى أبا والثانى أبنا وكلمة وحكمة ونورا وضياء وشعاعا والثالث روح القدس ومغريا وهو معنى قولهم باليونانية اراكليط وقالوا فى بيان وجه الاطلاق ان ذلك لان الاقنوم الاول بمنزلة ينبوع ومبدأ أعطى الاقنوم الثانى الصادر عنه بفعل يقتضى شبه فاعله وه فعل العقل طبيعته وجوهره كله حتى أن الاقنوم الثانى الذى هو فى صورة الاول الجوهرية الالهية مساو له كمال المساواة وحد الايلاد هو صدوره حى من حى بآلة ومبدأ مقارن يقتضى شبه طبيعته وهنا كذلك بل أبلغ لان الثانى للطبيعة الالهية نفسها فلا بدع اذا سملى الاول أبا والثانى ابنا وانما قيل للثانى كلمة لان الايلاد ليس على نحو ايلاد احيوان والنبات بل يفعل العقل أي يتصور يتصور الأب لاهوته وفهمه ذاته ولاشك ان تلك الصورة كلمة لانها مفهومية العقل ونطقه وقيل لها حكمة كان مولود من الاب بفعل عقله الالهى الذى هو حكمة وقيل له نور وشعاع وضياء لانه حيث كان حكمة كان به معرفة حقائق الاشياء وانكشافها كالمذكورات وقيل للثلث روح القدس لانه صادر من الاب والابن بفعل الارادة التى هى واحدة للاب والابن ومنبثق منهما بفعل هو كهيجان الارادة بالحب نحو محبوبها فهو حب الله والله هو نفسه الروح الصرف والتقدس عينه ولكل من الاول والثانى وجه لان يدعى روحا لمكان الاتحاد لكن لما دعى الاول باسم يدل على رتبته واضافته الى الثانى والثانى كذلك اختص الثلث بالاسم المشاع وام يدع ابنا وان كان له طبيعة الاب وجوهره كالابن لانه لم يصدر من الاب بفعل يقتضى شبه فاعله يعنى بفعل العقل بل صدر منه فعل الارادة فالثانى من الاول كهابيل من آدم والثلث كحواء منه والكل حقيقة واحدة لكن يقال لهابيل ابن ولايقال لها بنت وقيل له مغزى لانه كان عتيدا لان يأتى الحواريين فيغريهم لفقد المسيح عليه السلام وأما الفعلية والمفعولية فلانهما غير موجودين حقيقة والابوة والبنوة ههنا لاتقتضيها كما فى المحدثات ولذا لايقال هنا للاب علة وسبب لابنه وان قيل هناك فالثلاثة متساوية فى الجوهر والذات واستحقاق العبادة والفضل من كل وجه ثم أنهم زعموا تجسد الاقنوم الثانى وهو الكلمة واتحاده باشرف أجزاء البتول من الدم بقوة روح القدس فكان المسيح عليه السلام المركب من الناسوت والكلمة والكلمة مع اتحادها لم تخرج عن بساطتها ولم تتغير لانها الحد الذى ينتهى اليه الاتحاد فلا مانع فى جهتها من الاتحاد وكذا لامانع من جهة الناسوت منه فلا يتعاصى الله تعالى شىء زعموا أنه المسيح عليه السلام كان الها تاما وانسانا تاما ذات طبيعتين ومشيئتين قائمتين باقنوم الهى وهو اقنو م الكلمة ومن ثم تحمل عليه الصفات الالهية والبشرية معا لكن من حيثيتين ثم أنهم ازادوا فى الطنبور رنة وقالوا ان المسيح اطعم يوما الحواريين خبزا وسقاهم خمرا فقال أكلتم لحمى وشربتم دمى فاتحدتم معى وانا متحد مع الاب الى رنات اخر هى أشهر من أن تذكر ويعلم مما ذكرنا انه لافرق عندهم بين أن يقال أن الله تعالى هو المسيح وبين أن يقال أن المسيح هو أبنه وبين أن يقال ان سبحانه ثالث ثلاثة ولذا جاء فى التنزيل كل من هذه الاقوال منسوبا اليهم ولاحاجة الى جعل كل قول لقوم كما قال غير واحد

الصفحة 276