كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وغيرهم عن عائشة قالت نظر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوما الى القمر لما طلع فقال ياعائشة استعيذى بالله من شر هذا فان هذا الغاسق اذا وقب ومن سلم صحة هذا لاينبغى له العدول الى تفسير آخر وأخرج أبن أبى حاتم عن ان شهاب أنه قال الغاسق اذا وقب الشمس اذا غربت وكأن اطلاق الغاسق عليها لامتلائها نورها ونقل ابن زيد عن العرب أن الغاسق الثريا ووقوبها سقوطها وكانت الاسقام والطواعين تكثر عند ذلك وروى تفسيره غير واحد عن أبى هريرة مرفوعا وفى الحديث اذا طلع النجم ارتفعت العاهة وفى بعض الروايات زيادة عن جزيرة العرب وفى بعضها ما طلع النجم ذات غداة الا رفعت كل آفة أو عاهة أو خفت وفيه روايات أخر فليرجع شرح المناوى الكبير للجامع الصغير وقيل أريد يذلك الحية أذا لدغت واطلاق الغاسق عليها لامتلائها سما وقتل أريد سمها اذا دخل فى الجسد واطلق عليه الغاسق لسيلانه من نابها وكلا القولين لايعول عليه وقيل هو كل شر يعترى الانسان والشر يوصف بالظلمة والسواد ووقبه هجومه وذكر المجد الفيروز ابادى فى القاموس فى مادة وقب قولا فى معنى الآية زعم انه حكاه الغزالى وغيره عن ابن عباس ولا أظن صحة نسبته لظهور أنه عورة بين الاقوال ومن شر النفاثات فى العقد أى ومن شر النفوس السواحر اللاتى يعقدن عقدا فى خيوط وينفثن عليها فالنفاثات صفة للنفوس واعتبر ذلك لمكان التأنيث مع أن تأثير السحر انما هو من جهة النفوس الخبيثة والارواح الشريرة وسلكانه منها وقدر بعضهم النساء موصوفا والاول أولى ليشمل الرجال ويتضمن الاشارة السابقة ويطابق سبب النزول فان الذى سحره صلى الله تعالى عليه وسلم كان رجلا على المشهور كما ستسمع ان شاء الله تعالى وقيل أعانه بعض النساء ولكون مثل ذلك من عمل النساء وكيدهن غلب المؤنث على المذكر هنا وهو جائز على مافصله الخفجى فى شرح درة الغواصى والنفث النفخ مع ريق كما قال الزمخشرى وقال صاحب اللومح هو شبه النفخ يكون فى الرقية ولاريق معه فان كان يريق فهو تفل والاول هو الاصح لما نقله ابن القيم من انهم اذا سحروا واستعانوا على تأثير فعلهم بنفس يمازجه بعض أجزاء أنفسهم الخبيثة وقرأ الحسن النفاثات بضم النون وقرأ هو أيضا وابن عمر وعبد الله بن القاسم ويعقوب فى رواية النفاثات وأبو الربيع والحسن أيضا النفثات بغير ألف كالحذرات وتعريفها اما للعهد أو للايذان بشمول الشر لجميع افرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما روى البخارى ومسلم وابن ماجه عن عائشة رضى الله الله تعالى عنها قالت سحر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى انه ليخيل اليه انه فعل الشىء ولم يكن فعله حتى اذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا الله ثم دعا ثم دعا ثم قال أشعرت ياعائشة أن الله تعالى قد أفتانى فيما استفتيته فيه قلت وماذاك يارسول الله فقال جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلى فقال الذى عند رأسى للذى عند رجلى أو الذى عند رجلى للذى عند رأسى ماوجع الرجل قال مطبوب قال من طبه قال لبيد بن الاعصم قال فى أى شىء قال فى مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر قال فاين هو قال فى بئر ذى اروان قالت فاتاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى أناس من أصحابه ثم قال ياعائشة والله لكأن ماءها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رؤس الشياطين قالت فقلت يارسول اله افلا أحرقته قال لا اما انا فقد عافانى الله تعالى وكرهت ان أثير على الناس فامرت بها فدفنت وهذان الملكان على مايدل على رواية ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس همل جبريل وميكائيل عليهما السلام ومن حديثهما فى الدلائل للبيهقى بعد ذكر حديث الملكين فما لأصبح رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم غدا ومعه أصحابه الى البئر فدخل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوثة فاذ فيها مشط رسول

الصفحة 282