كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن مشاطة رأسه واذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واذا فيها أبر مغروزة واذا وتر فيه احدى عشرة عقدة فأتاه جبريل عليه السلام بالمعوذتين فقال يامحمد قل أعوذ برب اللق وحل عقدة من شر ماخلق وحل عقدة حتى فرغ منهما وحل العقدة كلها وجعل لاينزع أبرة الا وجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك راحة فقيل يارسول الله لو قتلت اليهودى قال قد عافانى الله تعالى ومايراه من عذاب الله أشد وفى رواية ان الذى تولى السحر لبيد بن الاعصم وبناته فمرض النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فنزل جبريل بالمعوذتين وأخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره فارسل صلى الله تعالى عليه وسلم عليا كرم الله وجهه والزبير وعمارا فنزحوا ماء البئر وهو كنقاعة الحناء ثم رفعوا راعوثة البئر فاخرجوا أسنان المشط ومعها وتر قد عقد فيه احدى عشرة عقدة مغرزة بالابر فجاؤا بها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما يقرأ آية انحلت عقدة ووجد عليه الصلاة و السلام خفة حتى انحالت العقدة الاخيرة عند تمام السورتين فقام صلى الله تعالى عليه وسلم كأنما أنشط من عقال الخبر والرواية الأولى أصح من هذه وقال الامام المازرى قد أنكر ذلك الحديث المبتدعة من حيث انه منصب النبوة ويشكك فيها وان تجويزه يمنع الثقة بالشرع وأجيب بأن الحديث صحيح وهو غير مراغم للنص ولايلزم عليه حط منصب النبوة والتشكيك فيها لان الكفار أرادوا بقولهم مسحور انه مجنون وحاشاه ولو سلم أرادة ظاهره فهو كان قبل هذه القصة أو مرادهم ان السحر أثر فيه وان مايأتيه من الوحى من تخيلات السحر وهو كذب أيضا لأن الله عصمه فيما يتعلق بالرسالة وأما مايتعلق أمور الدنيا التى لم يبعث عليه الصلاة و السلام بسبها وهى مما يعرض للبشر فغير بعيدان يخيل اليه من ذلك ما لا حقيقة له وقد قيل أنما هو كان انه وطىء زوجاته وليس بواطىء وقد يتخيل الانسان مثل هذا فى المنام فلا يبعد تخيله فى اليقظة وقيل انه يخيل أنه فعله وما فعله ولكن لايعتقد صحة ماتخيله فتكون اعتقاداته عليه الصلاة ولسلام على السداد وقال القاضى عياض قد جاءت روايات حديث عائشة مبنية ان السحر تسلط على جسده الشريف صلى الله تعالى عليه وسلم وظواهر جوارحه لاعلى عقله عليه الصلاة و السلام وقلبه واعتقاده ويكون معنى مافى بعض الروايات حتى يظن انه يأتى أهله ولايأتيهن وفى بعض انه يخيل اليه انه الخ انه يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن فاذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن ولم يتمكن من ذلك كما يعترى المسحور وكل ماجاء فى الروايات من انه عليه الصلاة و السلام يخيل اليه فعل شىء ولم يفعله ونحوه فمحمول على التخيل بالصبر لالخلل تطرق الى العقل وليس فى ذلك ما يدخل لبسا على الرسالة ولاطعنا لاهل الضلالة انتهى أنكر ونفى السحر حقيقته وأضاف مايقع منه الى خيالات باطلة لاحقائق لها ومذهب أهل السنة وعلماء الامة على ثباته وانه له حقيقة كحقيقة غيره من الاشياء لدلالة الكتاب والسنة على ذلك ولايستنكر فى العقل ان الله تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام مخصوصة والمزج بين قوى على ترتيب لايعرفه الا الساحر واذا شاهد الانسان بعض الاجسام منها قاتلة كالسموم ومنها مسقمة كالادوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله ان ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة أو كلام مهلك أو مؤد

الصفحة 283