كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
المشابهة والإضافة للتخفيف فلا ينافي أن الأصل في الأسماء عدم الأعمال والأعمال عارض للشبه والوصف عند أعماله وإضافته للتخفيف صالح للحال والأستقبال وإذا أريد الماضي فليس إلا الإضافة كقولك هو منذر زيد أمس وهو هنا على ما قيل للحال لمقارنة يخشى ولا ينافي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم منذر في الماضي والمستقبل حتى يقال المناسب لحال الرسالة الأستمرار ومثله يجوز فيه الأعمال وعدمه ثم المراد بالحال حال الحكم لا حال التكلم وفي ذلك كلام في كتب الصول فلا تغفل والله تعالى أعلم
سورة عبس
وتسمى سورة الصاخة وسورة السفرة وسميت في غير كتاب سورة الأعمى وهي مكية بلا خلاف وآيها اثنتان وأربعون في الحجازي والكوفي وإحدى وأربعون فيالبصري وأربعون في الشامي والمدني الأول ولما ذكر سبحانه فيما قبلها إنما أنت منذر من يخشاها ذكر عز و جل في هذه من ينفعه الإنذار ومن لم ينفعه فقال عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم
عبس وتولى أن جاءه الأعمى الخ روي أن ابن أم مكتوم وهو ابن خال خديجة واسمه عمرو بن قيس بن زائدة بن جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي القرشي وقيل عبد الله بن عمرو وقيل عبد الله بن شريح بن مالك بن أبي ربيعة الفهري والأول أكثر وأشهر كما في جامع الأصول وأم مكتوم كنية أمه واسمها عاتكة بنت عبد الله المخزومية وغلط الزمخشري في جعلها في الكشاف جدته وكان أعمى وعمى بعد نور وقيل ولد أعمى ولذا قيل لأمه أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة يناجيهم ويدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم فقال يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى وكرر ذلك ولم يعلم تشاغله بالقوم فكره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قطعه لكلامه عبس واعترض عنه فنزلت فكان رسول الله عليه الصلاة و السلام يكرمه ويقول إذا رآه مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول هل لك من حاجة واستخلفه صلى الله تعالى عليه وسلم على المدينة فكان يصلي بالناس ثلاث عشرة مرة كما رواه ابن عبد البر في الأستيعاب عن أهل العلم بالسير ثم استخلف بعده أبا لبابة وهو من المهاجرين الأولين هاجر على الصحيح قبل النبي صلى الله عليه و سلم ووهم القرطبي في زعمه أنه مدني وأنه لم يجتمع بالصناديد المذكورين من أهل مكة وموته قبل بالقادسية شهيدا يوم فتح المدائن أيام عمر رضي الله تعالى عنه ورآه أنس يومئذ وعليه درع وله راية سوداء وقيل منها إلى المدينة فمات بها رضي الله تعالى عنه وضمير عبس وما بعده للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفي التعبير عنه عليه الصلاة و السلام بضمير الغيبة إجلال له صلى الله تعالى عليه وسلم لإيهام أن من صدر عنه ذلك غيره لأنه لا يصدر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم مثله كما أن في التعبير عنه صلى الله تعالى عليه وسلم بضمير الخطاب في قوله سبحانه وما يدريك لعله يزكى ذلك لما فيه من الإيناس بعد الإيحاش والإقبال بعد الإعراض والتعبير عن ابن أم مكتوم بالأعمى للأشعار بعذره في الإقدام على قطع كلام الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وتشاغله بالقوم وقيل إن الغيبة أولا والخطاب ثانيا لزيادة الإنكار وذلك كمن يشكو إلى الناس جانبا جني عليه ثم يقبل على الجاني إذا حمى على الشكاية مواجها بالتوبيخ وإلزام الحجة وفي ذكر الأعمى نحو من ذلك لأنه وصف يناسب الإقبال عليه والتعطف وفيه أيضا دفع إيهام الإختصاص بالأعمى المعين وإيماء إلى أن كل