كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

إبراهيم عليه السلام من أبيه ويفر نوح عليه السلام من ابنه ويفر لوط عليه السلام من امرأته وفي خبر رواه ابن عساكر عن الحسن نحو ذلك وفيه فيرون أن هذه الآية أعني يوم يفر الخ نزلت فيهم وكلا الخبرين لا يعول عليهما ولا ينبغي أن يلتفت إليهما كما لا يخفى والذي أدين الله تعالى به نجاة أبويه صلى الله تعالى عليه وسلم وقد ألفت رسائل في ذلك رغما لأنف على القاريء ومن وافقه وأعتقد أن جميع آبائه عليه الصلاة و السلام لا سيما من ولداه بلا واسطة أوفر الناس حظا مما أوتي هناك من السعادة والشرف وسمو القدر كم من أب قد سما بابن ذرى شرف
كما يما برسول الله عدنان وقا ابن محيصن وابن أبي عبلة وحميد وابن السمقيع يعنيه بفتح الياء وبالعين المهملة أي يهمه من عناه الأمر إذا أهمه أي أوقعه في الهم ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه لا من عناه إذا قصده كما زعمه أبو حيان وقوله تعالى وجوه يومئذ مسفرة بيان لمآل أمر المذكورين وانقسامهم إلى السعداء والأشقياء بعد ذكر وقوعهم في داهية دهياء فوجوه مبتدأ وسوغ الأبتداء به كونه في حيز التنويع كما مر ومسفرة خبره ويومئذ متعلق به أي مضيئة متهللة من أسفر الصبح إذا أضاء وعن ابن عباس أن ذلك من قيام الليل وعن الضحاك من آثار الوضوء فيختص ذلك بهذه الأمة أي لأن الوضوء من خواصهم قيل أي بالنسبة إلى الأمم السابقة فقط لا مع أنبيائهم عليهم السلام وقيل من طول ما أغبرت في سبيل الله تعالى ضاحكة مستبشرة أي مسرورة بما تشاهد منالنعيم المقيم والبهجة الدائمة ووجوه يومئذ عليها غبرة أي غبار وكدرة ترهقها أي تعلوها وتغشاها قترة أي سواد وظلمة ولا ترى أوحش من اجتماع الغرة والسواد في الوجه وسوى الفير وزابادي والجوهري بين الغبرة والقترة فقيل المراد بالقترة الغبار حقيقة وبالغبرة ما يغشاهم من العبوس من الهم وقيل هما على حقيقتهما والمعنى أن عليها غبارا وكدرة فوق غبار وكدورة وقال زيد بن أسلم الغبرة ما انحطت إلى الأرض والقترة ما ارتفع إلى السماء والمراد وصول الغبار إلى وجوههم من فوق ومن تحت والمعول عليه ما تقدم وقرأ ابن أبي عبلة قترة بسكون التاء أولئك إشارة إلى أصحاب تلك الوجوه وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد درجتهم في سوء الحال أي أولئك الموصوفون بما ذكر هم الكفرة الفجرة أي الجامعون بين الكفر والفجور فلذلك جمع الله تعالى لهم بين الغبرة والقترة وكان الغبرة للفجور والقترة للكفور نعوذ بالله عز و جل من ذلك
سورة التكوير
ويقال سورة كورت وسورة إذا الشمس كورت وهي مكية بلا خلاف وآيها تسع وعشرون آية وفي التيسير ثمان وعشرون وفيها من شرح حال يوم القيامة الذي تضمنه ىخر السورة قبل ما فيها وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت أي السور الثلاث وكفى بذلك مناسبة بسم الله الرحمن الرحيم
إذا الشمس كورت أي لفت من كورت العمامة إذا لففتها وهو مجاز عن رفعها وإزالتها من مكانها بعلاقة اللزوم فإن الثوب إذا أريد رفعه يلف لفا ويطوي ثم يرفع ونحوه قوله تعالى يوم نطوي السماء ويجوز أن يراد لف ضوئها المنبسط في الآفاق

الصفحة 49