كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

المشهور وقيل هو الجار والمجرور وجوز أن يكون بدل كل من كل لالحاق منلم يشأ بالبهائم ادعاء وهو تكلف وقوله تعالى أن يستقيم مفعول شاء أي لمن شاء منكم الإستقامة بتحري الحق وملازمة الصواب وإبداله منالعالمين لأنهم المنتفعون بالتذكير وما تشاؤن أي الأستقامة بسبب من الأسباب إلا أنيشاء الله أي إلا بأن يشاء الله تعالى مشيئتكم فمشيئتكم بسبب مشيئة الله تعالى رب العالمين أي ملك الخلق ومربيهم أجمعين أو ما تشاءون الإستقامة مشيئة نافعة مستتبعة لها بأن يشاءها الله تعالى فله سبحانه الفضل والحق عليكم باستقامتكم إن استقمتم روي عن سليمان بن موسى والقاسم بن مخيمرة أنه لما نزلت لمن شاء منكم أن يستقيم قال أبو جهل جعل الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى وما تشاءون الآية وأن وما معها هنا على ما ذكرنا فيموضع خفض بإضمار باء السببية وجوز أن تكون للمصاحبة وذهب غير واحد إلى أن الأستثناء مفرغ من أعم الأوقات أي وما تشاءون الأستقامة في وقت من الأوقات إلا وقت أن يشاء الله تعالى شأنه استقامتكم وهو مبني على مانقل عن الكوفيين من جواز نيابة المصدر المؤول من أن والفعل عن الظرف وفي الباب الثامن من المغنى أن أن وصلتها لا يعطيان حكم المصدر في النيابة عن ظرف الزمان تقول جئتك صلاة العصر ولا يجوز جئتك أن تصلي العصر فالأولى ما ذكرنا أولا وإليه ذهب مكي وذهب القاضي إلى الثاني وقد اعترض عليه أيضا بأن ما لنفي الحال وأن خاصة للأستقبال فيلزم أن يكون وقت مشيئته تعالى المستقبل ظرفا لمشيئة العبد الحالية وأجيب بأنا لانسلم أن ما مختصة بنفي الحال ومن ادعى اختصاصها بذلك اشتراط انتفاء القرينة على خلافه ولم تنتف ههنا لمكان أن في حيزها أو بأن كون أن للأستقبال مشروط بانتفاء قرينة خلافه وههنا قد وجدت لمكان ما قبلها فهي لمجرد المصدرية وقيل يندفع الأعتراض بجعل الأستثناء منقطعا فليجعل كذلك وإن الأصل فيه الأتصال وليس بشيء وقد أورد على وجه السببية الذي ذكرناه نحو ذلك وهو أنه يلزم منكون ما لنفي الحال وأن للأستقبال سببية المتأخر للمتقدم ومما ذكر يعلم الجواب كما لا يخفى فتأمل جميع ذلك والله تعالى الهادي لا وضح المسالك
وقال بعض أهل التأويل الشمس شمس الروح والنجوم نجوم الحواس والجبال جبال القوالب وهي تسير كل وقت إلا أنه يظهر ذلك للمحجوب إذا كشف له الغطاء والعشار عشار القوى القالبية والوحوش وحوش الأخلاق الذميمة النفسانية والبحار بحار العناصر الطبيعية والنفوس القوى النفسانية وتزويجها قرن كل قوة بعملها والموؤدة الخواطر الإلهية التي ترد على السالك فيئدها في قبر القالب ويظلمها والصحف على ظاهرها والسماء سماء الصدر والجحيم جحيم النفس وتسعيرها بنيران الهوى والجنة جنة القلب والخنس الأنوار المودعة في القوى القلبية والليل الأنوار الجلالية والصبح الأنوار الجمالية إلى آخر ما قال ويستدل بحال البعض على البعض وقد حكى أبو حيان شيئامن نحو ذلك وعقبه بتشنيع فظيع وهو لا يتم إذلا إذا أنكر إرادة الظاهر وأما غذا لم تنكر وجعل ما ذكر ونحوه من باب الإشارة فلا يتم أمر التشنيع كما حقق ذلك فيموضعه
سورة الإنفطار
وتسملا سورة انفطرت وسورة المنفطرة ولا خلاف في أنها مكية ولا في أنها تسع عشرة آية ومناسبتها لما قبلها معلومة بسم الله الرحمن الرحيم
إذا السماء انفطرت أي انشقت لنزول الملائكة كقوله تعالى يوم

الصفحة 62