كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

لانسلاخ معناها عنها بالكلية عمل فيها ما قبلها ويكون ما شاء ركبك كلاما مستأنفا وما أما موصولة أو موصولة مبتدأ أو مفعولا مطلقا لركبك أي ما شاء من التركيب ركبك فيه أو تركيبا شاء ركبك وجوز أن تكون شرطية وشاء فعل الشرط وركبك جزاؤه أي إن شاء تركيبك في أي صورة غير هذه الصورة ركبك فيها والجملة الشرطية في موضع الصفة لصورة والعائد محذوف ولم يجوزوا على هذا الوجه تعلق الظرف بركبك لأن معمول ما في حيز الشرط لا يجوز تقديمه عليه كلا ردع عن الأغترار بكرم الله تعالى وجعله ذريعة إلى الكفر والمعاصي مع كونه موجبا للشكر والطاعة وقوله تعالى بل تكذبون بالدين إضراب عن جملة مقدرة ينساق إليها الكلام كأنه قيل بعد الردع بطرق الأعتراض وأنتم لا ترتدعون عن ذلك بل تجترؤن على أعظم منه حيث تكذبون بالجزاء والبعث رأسا أو بدين الإسلام اللذين هما منجملة أحكامه فلا تصدقون سؤالا ولا جوابا ولا ثوابا ولا عقابا وفيه ترق من الأهون إلى الأغلظ وعن الراغب بل هنا لتصحيح الثاني وإبطال الأول كأنه قيل ليس هنا مقتض لغرورهم ولكن تكذيبهم حملهم على ما ارتكبوه وقيل تقدير الكلام أنكم لا تستقيمون على ما توجبه نعمي عليكم وإرشادي لكم بل تكذبون الخ وقيل إن كلا ردع عما دل عليه هذه الجملة من نفيهم البعث وبل إضراب عن مقدر كأنه قيل ليس الأمر كما تزعمون مننفي البعث والنشور ثم قيل لا تتبينون بهذا البيان بل تكذبون الخ وأدغم خارجة عن نافع ركبك كلا كأبي عمرو في إدغامه الكبير وقرأ الحسن وأبو جعفر وشيبة وأبو بشر يكذبون بياء الغيبة وقوله تعالى وإن عليكم لحافظين حال من فاعل تكذبون مفيدة لبطلان تكذيبهم وتحقيق ما يكذبون به من الجزاء على الوجهين في الدين أي تكذبون بالجزاء والحال أنعليكم منقبلنا لحافظين لأعمالكم كراما لدينا كاتبين لها يعملون ما تفعلون من الأفعال قليلا كان أوكثيرا ويضبطونه نقيرا أو قطميرا وليس ذلك للجزاء وإقامة الحجة وإلا لكان عبثا ينزه عنه الحكيم العليم وقيل جيء بهذه الحال استبعادا للتكذيب معها وليس بذاك وفي تعظيم الكاتبين بالثناء عليهم تفخيم لأمر الجزاء وأنه عند الله عز و جل منجلائل الأمور حيث استعمل سبحانه فيه هؤلاء الكرام لديه تعالى ثم أن هؤلاء الحافظين غير المعقبات في قوله تعالى له معقبات بين من يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله فمع الإنسان عدة ملائكة روي عن عثمان أنه سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كم من ملك على الإنسان فذكر عليه الصلاة و السلام عشرين ملكا قالالمهدوي في الفيصل وقيل إن كل أدمي يوكل به منحين وقوعه نطفة في الرحم إلى موته أربعمائة ملك ومن يكتب الأعمال ملكان كاتب الحسنات وهو في المشهور علىالعاتق الأيمن وكاتب ما سواها وهو على العاتق الأيسر والأول أمين على الثاني فلا يمكنه من كتابة السيئة إلا بعد مضي ست ساعات من غير مكفر لها ويكتبان كل شيء حتى الأعتقاد والعزم والتقرير وحتى الأنين في المرض وكذا يكتبان حسنات الصبي على الصحيح ويفارقان المكلف عند الجماع ولا يدخلان مع العبد الخلاء وأخرج البزار عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إن الله تعالى ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذي معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حاجات الغائط والجنابة والغسل ولا يمنع ذلك من كتبهما ما يصدر عنه ويجعل الله تعالى لهما أمارة على الأعتقاد القلبي ونحوه ويلزمان العبد إلى مماته فيقومان على قبره يسبحان ويهللان ويكبران ويكتب ثوابه للميت إلىيوم القيامة إن كان مؤمنا ويلعنانه إلى يوم القيامة إن كان كافرا واستظهر بعضهم أنهما اثنان بالشخص وقيل بالنوع وقيل كاتب الحسنات يتغير دون كاتب السيئات ونصوا على أن المجنون

الصفحة 65