كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

لا حفظة عليه وورد في بعض الآثار ما يدل على أن بعض الحسنات ما يكتبها غير هذين الملكين والظواهر تدل على أن الكتب حقيقي وعلم الآلة وما يكتب فيه مفوض إلى الله عز و جل وقوله سبحانه إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم استئناف مسوق لبيان نتيجة الحفظ والكتب منالثواب والعقاب وفي تنكير النعيم والجحيم ما لا يخفى من التفخيم والتهويل وقوله تعالى يصلونها إما صفة للجحيم أوحالمن ضمير الفجار في الخبر أو استئناف مبني على سؤال نشأ من تهويلها كأنه قيل ما حالهم فيها فقيل يقاسون حرها وقرأ ابن مقسم يصلونها متشددا مبنيا للمفعول يوم الدين يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به استقلالا أو في ضمن تكذيبهم بالأسلام وما هم عنها بغائبين طرفة عين فإن المراد استمرار النفي لا نفي الأستمرار وهو كقوله تعالى وما هم بخارجين منها في الدلالة على سرمدية العذاب وأنهم لا يزالون محسين بالنار وقيل معناه وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون سمومها في قبورهم حسبما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة منحفر النار على أن غائبين من حكاية الحال الماضية والجملة قيل على الوجهين في موضع الحال لكنها على الأول حال مقدرة وعلى الثاني من باب جاؤكم حصرت صدورهم وقيل أنها على الأول حالية دون الثاني لانفصال ما بين صلى النار وعذاب القبر بالبعث ومافي موقف الحساب بل هي عليه معطوفة على ما قبلها ويحتمل اسم الفاعل فيها أعني غائبين على الحال أي وما هم عنها بغائبين الآن لتغاير المعطوف عليه الذي أريد به الأستقبال والكلام على ما عرف في أخباره تعالى من التعبير عن المستقبل بغيره لتحققه فلا يرد أن بعض الفجار في زمرة الأحياء بعد وبعضهم لم يخلق كذلك وعذاب القبر بعد الموت فكيف يحمل غائبين على الحال وقوله تعالى وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين تفخيم لشأن اليوم الذي يكذبون به أثر تفخيم وتعجيب منه بعد تعجيب والخطاب فيه عام والمراد أن كنه أمره بحيث يدركه دراية داري وقيل الخطاب لسيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل للكافر والإظهار في موضع الإضمار تأكيد لهول يوم الدين وفخامته وقد تقدم الكلام في تحقيق كون الأستفهام في مثل ذلك مبتدأ أو خبرا مقدما فلا تغفل وقوله سبحانه يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله بيان إجمالي لشأن يوم الدين أثر إبهامه وإفادة خروجه عن الدائرة الدراية قيل بطريق إنجاز الوعد فإن نفي الإدراء مشعر بالوعد الكريم بالإدراء على ما روي عن ابن عباس من أنه قال كل ما في القرآن من قوله تعالى ما أدراك فقد أدراه وكل ما فيه من قوله عز و جل ما يدريك فقد طوى عنه ويوم منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه صلى الله تعالى عليه وسلم إلى معرفته اذكر يوم لا تملك نفس من النفوس لنفس من النفوس مطلقا لا للكافرة فقط كما روي عن مقاتل شيئا من الأشياء الخ فإنه يدريك ما هو أو مبني على الفتح محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف على رأي من يرى جواز بناء الظرف إذا أضيف إلى غير متمكن وهم الكوفيون أي هو يوم لا تملك الخ وقيل هو نصب على الظرفية بإضمار يدانون أو يشتد الهول أو نحوه مما يدل عليه السياق أو هو مبني على الفتح محله الرفع على أنه بدل من يوم الدين وكلاهما ليسا بذاك لخلوهما عن إفادة ما أفاده ما قبل وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو يوم بالرفع بلا تنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو يوم لا بدل لما سمعت آنفا وقرأ محبوب عن أبي عمرو ويوم بالرفع والتنوين فجملة لا تملك الخ في موضع الصفة له والعائد محذوف أي فيه والأمر كما قال في الكشف واحد الأوامر لقوله تعالى لمن الملك اليوم فإن الأمر

الصفحة 66