كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححاه والنسائي وابن ماجه وابن حبان وغيرهم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فلذلك الران الذي ذكر الله تعالى في القرآن كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وأخرج ابن المنذر وغيره عن مجاهد أنه قال كانوا يرون أن الرين هو الطبع وذكروا له أسبابا وفي حديث أخرجه عبد بن حميد من طريق خليد بن الحكم عن أبي المجير أنه عليه الصلاة و السلام قال أربع خصال مفسدة للقلوب مجاراة الأحمق فإن جاريته كنت مثله وإن سكت عنه سلمت منه وكثرة الذنوب مفسدة للقلوب وقد قال الله تعالى بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون والخلوة بالنساء والأستمتاع بهن والعمل برأيهن ومجالسة الموتى قيل يا رسول الله من هم قال كل غني قد أبطره غناه وقريء بإدغام اللام في الراء وقال أبو جعفر بن الباذش أجمعوا يعني القراء على إدغام اللام في الراء إلا مام كان منوقف حفص على بل وقفا خفيفا يسيرا لتبيين الإظهار وليس كما قال من الإجماع ففي اللوامح عن قالون من جميع طرقه إظهار اللام عند الراء نحو قوله تعالى بل رفعه الله إليه بل ربكم وفي كتاب ابن عطية وقرأ نافع بل ران غير مدغم وفيه أيضا وقرأ أيضا بالإدغام والإمالة وقال سيبويه في اللام مع الراء نحو أشغل رحمه البيان والإدغام حسنان وقال أيضا فإذا كانت يعني اللام غير لام التعريف نحو لام هل وبل فإن الإدغام أحسن فإن لم تدغم فهي لغة لأهل الحجاز وهي عربية جائزة وفي الكشاف قريء بإدغام اللام في الراء وبالإظهار والأدغام أجود وأميلت الألف وفخمت فليحفظ كلا ردع وزجر عن الكطسب الرائن أو بمعنى حقا إنهم أي هؤلاء المكذبين عن ربهم يومئذ لمحجوبون لا يرونه سبحانه وهو عز و جل حاضر ناظر لهم بخلاف المؤمنين فالحجاب مجاز عن عدم الرؤية لأن المحجوب لا يرى ما حجب أو الحجب المنع والكلام على حذف مضاف أي عن روية ربهم لممنوعون فلا يرونه سبحانه واحتج بالآية مالك على رؤية المؤمنين له تعالى من جهة دليل الخطاب وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص وقال الشافعي لماحجب سبحانه قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا وقال أنس بن مالك لما حجب عز و جل أعداءه سبحانه فلم يروه تجلى جل شأنه لأوليائه حتى رأوه عز و جل ومن أنكر رؤيته تعالى كالمعتزلة قال إن الكلام تمثيل للأستخفاف بهم وإهانتهم لأنه لا يؤذن على الملوك إلاللوجهاء المكرمين لديهم ولا يحجب عنهم إلا الادنياء المهانون عندهم كما قال إذا اعتروا باب ذي عبية رجبوا
والناس من بين مرجوب ومحجوب أو هو بتقدير مضاف أي عن رحمة ربهم مثلا لمحجوبون وعن ابن عباس وقتادة ومجاهد تقدير ذلك وعن ابن كسيان تقدير الكرامة لكنهم أرادوا عموم المقدر للرؤية وغيرها من ألطافه تعالى والجار والمجرور متعلق بمحجوبون وهو العامل في يومئذ والتنوين فيه تنوين عوض والمعوض عنه هنا يقوم الناس السابق كأنه قيل أنهم لمحجوبون عن ربهم يوم إذ يقوم الناس لرب العالمين ثم إنهم لصالوا الجحيم مقاسو حرها على ما قالالخليل وقيل داخلون فيها وثم قيل لتراخي الرتبة لكن بناء على ما عندهم فإن صلى الجحيم عندهم أشد من حجابهم عن ربهم عز و جل وأما عند المؤمنين لا سيما الواهلين به سبحانه منهم فإن الحجاب عذاب لا يدانيه عذاب ثم يقال لهم تقريعا وتوبيخا من جهة الخزنة أو أهل الجنة هذا الذي كنتم به تكذبون