كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
هو الله تعالى وهو محتمل للتقدير وعدمه وجوز أن يكون من أضافة الموصوف لصفته قال أبو حيان وهذا أولى لتوافق القراءتين في لوح أي كائن في لوحمحفوظ أي ذلك اللوح من وصول الشياطين إليه وهذا اللوح المحفوظ المشهور وهو ما روي عن ابن عباس والعهدة على الراوي لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وحافتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمراء وقلمه نور وهو معقود بالعرش وأصله في حجر مالك يقال له ساطريون لله عز و جل فيه في كل يوم ثلثمائة وستون لحظة يحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وأنه كتب في صدره لا إله إلا الله وحده لا شريك لهدينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله عز و جل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة وقال مقاتل إن اللوح المحفوظ عن يمين العرش وجاء فيه أخبار غير ذلك ونحن نؤمن به ولا يلزمنا البحث عن ماهيته وكيفية كتابته ونحو ذلك نعم نقول إن ما يزعمه بعض الناس من أنه جوهر مجرد ليس في حيز وإنه كالمرآة للصور العلمنة مخالف لظواهر الشريعة وليس له مستند من كتاب ولا سنة أصلا وقرأ ابن يعمر واين السمقيع لوح بعضم اللام وأصله في اللغة الهواء والمراد به هنا ما فوق السماء السابعة وقرأ الأعرج وزيد بن علي وابن محيصن ونافع بخلاف عنه محفوظ بالرفع على أنه صفة لقرآن وفي لوح قيل متعلق به وقيل صفة أخرى لقرآن وتعقب بأن فيه تقديم الصفة المركبة على المفردة وهو خلاف الأصل والمعنى عليه قيل محفوظ بعد التنزيل من التغيير والتبديل والزيادة والنقص كما قال سبحانه إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون وقيل محفوظ في ذلك اللوح عن وصول الشياطين إليه والله تعالى أعلم
سورة الطارق
مكية بلا خلاف وهي سبع عشرة آية على المشهور وفي التيسير ست عشرة ولما ذكر سبحانه فيما قبلها تكذيب الكفار للقرأن نبه تعالى شأنه هنا على حقارة الأنسان ثم استطرد جل وعلا منه إلى وصف القرآن ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بإمهال أولئك المكذبين فقال عز قائلا بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء هي المعروفة على ما عليه الجمهور وقيل المطر هنا وهو أحد استعمالاتها ومنه قوله إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا ولا يخفى حاله والطارق وهو في الأصل اسم فاعل من الطرق بمعنى الضرب بوقع أشدة يسمع لها صوت ومنه المطرقة والطريق لأن السابلة تطرقها ثم صار في عرف اللغة اسما لسالك الطريق لتصور أنه يطرقها بقدمه واشتهر فيه حتى صار حقيقة ثم اختص بالآتي ليلا لأنه في الأكثر يجد البواب مغلقة فيطرقها ثم اتسع في كل ما يظهر بالليل كائنا ما كان حتى الصور الخيالية البادية فيه والعرب تصفها بالطروق كما في قوله طرق الخيال ولا كليلة مدلج
سدكا بأرحلنا ولم يتعرج والمراد به ههنا عند الجمهور الكوكب البادي بالليل إما على أنه اسم جنس أو كوكب معهود كما إن شاء الله تعالى وقوله تعالى وما أدراك ما الطارق تنويه بشأنه أثر تفخيمه بالأقسام وتنبيه على رفعة قدره بحيث لا ينالها إداك الخلق فلا بد من تلقيها من الخلاق العليم فما الأولى مبتدأ وأدراك خبره وما الثانية