كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
لغة مشهورة كما نقل أبو حيان عن الأخفش في هذيل وغيرهم يقولون أقسمت عليك أو سألتك لما فعلت كذا يريدون إلا وفعلت وبهذا رد على الجوهري المنكر لذلك وقال الرضي لا تجيء إلا بعد نفي ظاهر أو مقدر ولا تكون إلا في المفرغ أي بخلاف الأوكل لتأكيد العموم لتحقيق أصله من وقوع النكرة في سياق النفي وهو مبتدأ والخبر على المشهور حافظ وعليها متعلق به وعلى ما سمعت عن الرضي محذوف أي ما كل نفس كائنة في حال من الأحوال إلا في حال أن يكون عليها حافظ أي مهيمن ورقيب وهو الله عز و جل كما في قوله تعالى وكان الله على كل شيء رقيبا إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب وقيل هو من يحفظ عملها من الملائكة عليهم السلام ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر كما في قوله تعالى وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين الآية وروي ذلك عن ابن سيرين وقتادة وغيرهما وخصصوا النفس بالمكلفة وقيل هو ومن وكل حفظها والذنب عنها من الملائكة كما في قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين وقيل هو العقل يرشد المرء إلى مصالحه ويكفه عن مضاره وقرا الأكثر لما بالتخفيف فعند الكوفيين إن نافية كما سبق بمعنى إلا وما زائدة وصرحوا هنا بأن كل وحافظ مبتدأ وخبر فلا تغفل وعند البصريين إن مخففة من الثقيلة وكل مبتدأ وما زائدة واللام هي الداخلة للفرق بين أن النافية وإن المخففة وحافظ خبر المبتدأ وعليها متعلق به وقدر لأن ضمير الشأن وتعقب بأنه لا حاجة إليه لأنه في غير المفتوحة ضعيف لعدم العمل مع أنه مخل بإدخال اللام الفارقة لأنه إذا كان الخبر جملة فالأولى إدخال اللام على الجزء الأول كما صرح به في التسهيل وإدخالها على الجزء الثاني كما صرح به بعض الأفاضل في حواشيه عليه ولعل من قال أي أن الشأن كل نفس لعليها حافظ لم يرد تقدير الضمير وإنما أراد بيان حاصل المعنى وحكى هارون أنه قريء إن بالتشديد وكل بالنصب ولما بالتخفيف فاللام هي الداخلة في خبر إن وما زائدة وعلى جميع القراآت أمر الجوابية ظاهر لوجود ما يتلقى به القسم وتلقيه بالمشددة مشهور وبالمخففة تالله إن كدت لتردين وبالنافية ولئن زالتا أن أمسكهما وقوله تعالى فلينظر الإنسان مم خلق متفرع على ما قبله وليست الفاء لفصيحة خلافا للطيبي إذ لا يحتاج إلى حذف في استقامة الكلام أما على تقدير أن يكون الحافظ هو الله عز و جل أو الملك الذي وكله تعالى شأنه للحفظ على الوجه الذي سمعت فلأنه لما أثبت سبحانه أن عليه رقيبا منه تعالى حثه على النظر المعرف لذلك مع أوصافه كأنه قيل فليعرف المهيمن عليه ينصبه الرقيب أو بنفسه وليعلم رجوعه إليهتعالى وليفعل ما يسر به حال الرجوع وعبر عن الأول بقوله تعالى فلينظر ليبين طريقه المعرفة فهو بسط فيه إيجاز وأدمج فيه الأخيران وأما على تقدير أن يكون المراد به العقل فلأنه لما أثبت سبحانه أن له عقلا يرشد إلى المصالح ويكف عن المضار حثه على استعماله فيما ينفعه وعدم تعكطيله وإلغائه كأنه قيل فلينظر بعقله وليتفكر به في مبدأ خلقه حتى على استعماله فيما ينفعه وعدم تعطيله وإلغائه كأنه قيل فلينظر بعقله وليتفكر به في مبدأ خلقه حتى يتضح له قدرة واهبه وأنه لإإذا قدر على إنشائه من مواد لم تشم رائحة الحياة قط فهو سبحانه على إعادته أقدر وأقدر فيعمل بما يسر به حين الإعادة وقد يقرر التفريع على جميع الأوجه بنحو واحد فتأمل ومم خلق استفهام ومن متعلقة بخلق والجملة في موضع نصب بينظر وهي معلقة بالأستفهام وقوله تعالى خلق من ماء دافق استئناف وقع جوابا عن استفهام مقدر كأنه قيل مم خلق فقيل خلق من ماء الخ وظاهر كلام بعض الأجلة أنه جواب الاستفهام