كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
فهو ضعيف أيضا لأن مستقره عروق يلتف بعضها بالبعض عند البيضتين وتسمى أوعية المني وإن كان المراد أن مخرجه هناك فهو أيضا كذلك لأن الحس يدل على خلافه وأجاب رحمه الله تعالى بأنه لا شك أن معظم الأعضاء معونة في توليد المني الدماغ وخليفته النخاع في الصلب وشعب نازلة إلى مقدم البدن وهي التربية فلذا خصا بالذكر على أن كلامهم في أمر المني وتولده محض الوهم والظن الضعيف وكلام الله تعالى المجيد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو المقبول والمعول عليه أه وفي الكشف أقول النخاع بين الصلب والترائب ولا يحتاج إلى تخصيص التربية بالنساء فقد يمنع الشعب النازلة على أن تلك الشعب إن كانت فهي أعصاب لا ذات تجاويف والوجه والله تعالى أعلم أن النخاع والقوي الدماغية والقلبية والكبدية كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلا لأن يصير مبدأالشخص على مابين في موضعه وقوله سبحانه من بين الصلب والتراءب عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة فالترائب يشمل القلب والكبد وشمولها للقلب أظهر والصلب النخاع وبتوسطه الدماغ ولعله لا يحتاج إلى التنبيه على مكان الكبد لظهوره ذلك لأنه دم نضيج وإنما احتيج إلى ما خفي وهو أمر الدماغ والقلب في تكون ذلك الماء فنبه على مكانهما وقيل ابتداء الخروج منه كما أن انتهاءه بالأحليل انتهى وقيل لو جعل ما بين الصلب والترائب كناية عن البدن كله لم يبعد وكان تخصيصهما بالذكر لما أنهما كالوعاء للقلب الذي هو المضغة العظمى فيه وأمر هذه الكناية على ما حكى مكي عن ابن عباس في الترائب أظهر وزعم بعضهم جواز كون الصلب والترائب للرجل أي يخرج من بين صلب كل رجل وترائبه فالمراد بالماء الدافق ماء الرجل فقط وجعل الكلام إما على التغليب أو على أنه ماء للمرأة أصلا فضلا عن الماء الدافق كما قيل به ولا يخفى ما فيه والقول بأن الماة لا ماء لها تكذبه الشريعة وغيرها وقرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم يخرج مبنيا للمفعول وهما وأهل مكة وعيسى الصلب بضم الصاد واللام واليماني بفتحهما وروي عن اللغتين قول العجاج ريا العظام فخمة المخدم
في صلب مثل العنان المؤدم وفيه لغة رابعة وهي صالب كما في قول العباس
تنقل من صالب إلى رحم
وهي قليلة الأستعمال واستشهد بعض الأجلة بقوله تعالى خلق من ماء دافق على أن الإنسان هو الهيكل المخصوص كما ذهب إليه جمهور المتكلمين النافين للنغس الناطقة الإنيانية المجردة التي ليست داخل البدن ولا خارجه وقال أنه شاهد قوي على ذلك وتأويله بأنه على حذف المضاف أي خلق بدن الإنسان لا يسمع ما لم يقم برهان على امتناع ظاهره انتهى وأنت تعلم أن القائلين بالنفس الناطقة المجردة قد أقاموا فيما عندهم براهين على إثباتها نعم إن فيها أبحاثا للنافين وتحقيق ذلك بما لا مزيد عليه في كتاب الروح للعلامة ابن القيم عليه الرحمة إنه على رجعه لقادر الضمير الأول للخالق تعالى شأنهوكما فخم أولا بترك الفاعل في قوله تعالى مم خلق خلق إذ لا يذهب إلى خالق شواه عز و جل فخم بالإضمار ثانيا والضمير الثاني للإنسان أي إن ذلك الذي خلقه ابتداء مما ذكر على إعادته بعد موته لبين القدرة وهذا كما في قوله لئن كان تهدي برد أنيابها العلى
لأفقر مني أنني لفقير فإنه أراد لبين الفقر والألم يصح إيراده في مقابلة لا فقر مني والتأكيد لفزظا لما قام عليه البرهان الواضح معنى ولذا فسر قادر هنا يبين القدرة كما في الكشاف واعتبر فيه الأختصاص فقال أي على