كتاب رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وجمع -سبحانه- بين الصبر واليقين؛ إذ هما (¬١) سعادة العبد، وفقدهما يُفقده (¬٢) سعادته، فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المُخالفة لأمر الله (¬٣)، وطوارق (¬٤) الشبهات المخالفة لخبره، فبالصبر يَدفع الشهوات، وباليقين يَدفع (¬٥) الشبهات (¬٦). فإن الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجهٍ، فلا ينجو من عذاب الله (¬٧) إلا من (¬٨) دفع شهواته بالصبر، وشبهاته باليقين؛ ولهذا أخبر -سبحانه- عن حبوط أعمال أهل الشهوات والشبهات فقال -تعالى-: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: ٦٩]، فهذا (¬٩) الاستمتاع بالخلاق هو استمتاعهم بنصيبهم من الشهوات، ثم قال: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}، وهذا هو الخوض بالباطل (¬١٠) في دين الله وهو خوض أهل الشبهات (¬١١). ثم
---------------
(¬١) في ج (بينهما لأن بهما) بدل (بين الصبر واليقين إذ هما).
(¬٢) في ب (نعقد) بدل (يفقده)، وفي ج (وبفقدهما يفقد) بدل (وفقدهما يفقده).
(¬٣) في ج (للأمر) بدل (لأمر الله).
(¬٤) طوارق، في هذا الموضع وفي الذي قبله سقطتا من ج.
(¬٥) في ج (تدفع) في الموضعين.
(¬٦) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية (١/ ١٠٦).
(¬٧) (من عذاب الله) ساقطة من ج.
(¬٨) (من) ساقطة من ب.
(¬٩) في ج (و) بدل (فهذا).
(¬١٠) في ب (خوض أهل الباطل) بدل (الخوض بالباطل).
(¬١١) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ١٠٧).

الصفحة 18