كتاب رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} [العصر: ٣]، فأقسم -سبحانه- على خسران نوع (¬١) الإنسان، إلا من كمَّل نفسه بالإيمان والعمل الصالح، وكَمَّل غيره بوصيته له بهما؛ ولهذا قال الشافعي - رحمه الله -: "لو فكر الناس كلهم في سورة العصر (¬٢) لكفتهم" (¬٣).
ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة (¬٤)، قال الله - تعالى -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨]، فقوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} تفسير لسبيله [التي] (¬٥) هو عليها، فسبيله وسبيل أتباعه: الدعوة إلى الله، فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله (¬٦).
وقوله: {عَلَى بَصِيرَةٍ}، قال ابن الأعرابي (¬٧): البصيرة الثباتُ في
---------------
(¬١) (نوع) ساقطة من ج.
(¬٢) في ج (فيها) بدل (في سورة العصر).
(¬٣) ذكره ابن كثير في تفسيره بلفظ: "لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم" (٤/ ٥٨٥).
(¬٤) (على بصيرة) ساقطة من ب، و ج.
(¬٥) في الأصل (الذي)، وفي ب (اللائي)، وكلاهما لا يصح.
(¬٦) في ج (هو وأتباعه) بدل (فسبيله وسبيل) إلى (على سبيله).
(¬٧) هو أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، من موالي بني هاشم، كان نحويًا، عالمًا باللغة والشعر، ناسبًا، قال الذهبي: "وكان صاحب سنة واتباع"، (سير أعلام النبلاء ١٠/ ٦٨٨). له عدة كتب في النوادر، وله كتاب الأنواء، وصفة الخيل، ومعاني الشعر، وغير ذلك. توفي سنة (٢٣١ هـ) وقد جاوز الثمانين.
(انظر ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر الزبيدي، ص ٢١٣ - ٢١٥، وإنباه الرواة، للقفطي ٣/ ١٢٨ - ١٣١، وبغية الوعاة، =

الصفحة 23