كتاب رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وصى (¬١) بعض الشيوخ (¬٢) فقال: احذروا مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت، وتُفسد القلب، فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها، وكان ممن قال الله فيه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} [الكهف: ٢٨].
ومن تأمل حال هذا الخلق، وجدهم كلهم -إلا أقل القليل- ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله -تعالى -، واتَّبعوا أهواءهم، وصارت أمورهم ومصالحهم {فُرُطًا} أي: فرَّطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم، بل يعود بضررهم (¬٣) عاجلًا وآجلًا (¬٤).
[وهؤلاء] (¬٥) قد أمر الله -سبحانه- رسولَه ألا يطيعهم، فطاعة الرسول لا تتم إلا بعدم طاعة هؤلاء (¬٦)، [فإنهم] (¬٧) إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتباع الهوى، والغفلة عن ذكر الله (¬٨).
والغفلة عن الله والدَّار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى، [تولد
---------------
(¬١) في ب، و ج (أوصى).
(¬٢) في ج (بعضهم).
(¬٣) في ج (بما يضرهم).
(¬٤) تكلم ابن القيم في ذم الخلطة، وبيَّن الضابط النافع فيها، في مدارج السالكين (١/ ٤٥٤ - ٤٥٦).
(¬٥) في الأصل (ومن هؤلاء)، والمثبت من ب، و ج.
(¬٦) في ج (طاعتهم).
(¬٧) في الأصل (بأنهم)، والمثبت من ب، و ج.
(¬٨) في ج: (عن الله والدار الآخرة).

الصفحة 4