كتاب رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قال الله - تعالى -: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: ١٧]، فالله -سبحانه- هو الذي جعل المسلم مسلمًا، والمصلي مصليًا، كما قال الخليل -صلى الله عليه وسلم - {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: ١٢٨]، وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: ٤٠].
فالمِنَّةُ لله وحده في أن جعل عبده قائمًا بطاعته (¬١). وكان هذا من أعظم نِعَمِه عليه (¬٢).
وقال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣] وقال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧)} [الحجرات: ٧].
وهذا المشهد (¬٣) من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد (¬٤) وكلما كان العبد أعظم توحيدًا كان حظه من هذا المشهد أتم.
وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العُجبِ بالعمل ورؤيته،
---------------
= تواردا على ما تواردا منه، ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر، أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة". فتح الباري (٧/ ٥٣١) , والذي أورده ابن القيم نص ابن رواحة رضي الله عنه.
(¬١) في ب (في طاعته).
(¬٢) (في أن جعل) إلى (عليه) ساقط من ج.
(¬٣) (المشهد) ساقطة من ج.
(¬٤) (للعبد) ساقطة من ج.

الصفحة 47