كتاب روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (اسم الجزء: 1)

والنخعي، وبه قال مالك في الموطأ عن عائشة وهذه الأقوال واقعة في المذهب. وقال ابن عباس: لغو اليمين الحالف على معصية، وقال بعض السلف: لغو اليمين أن يحلف الرجل على أن لا يأكل شيئًا مباحًا شرعًا، والذي يقتضيه ظاهر القرآن أنها يمين الجارية على اللسان من غير عقد، ولا عزم، وقال: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} فمن اقتضاه أن اللغو الذي لا يقطع الواحد به هو ما لم يكسبه القلب فإما أن تيقن على الأول الذي حكاه القاضي عن المذهب، لأنه غير مكتسب بالقلب، وإما على ما صح عن عائشة أنه يمين اللفظ دون العزم، والعقد وإذا تحصل ما ذكرناه، فاليمين إما أن يقع على ماض أو مستقبل، فاليمين على المستقبل منعقدة كانت على وجود الفعل أو نفيه. والماضي على ثلاثة أقسام: معلوم، ومظنون، ومشكوك فيه، فالمعلوم يجوز فيه اليمين على ما هو معلوم عليه، فإن حلف على خلاف ذلك فهو من باب الغموس، وكان كذبًا، وسيجيء الخلاف فيه هل يكفر أم لا؟ وإن كان مظنونًا كان لغوًا، لا كفارة فيه كالحالف على طير أنه غراب، فإذا هو حمام، وإن كان المشكوك فيه امتنع اليمين عليه، لأنه كالغموس.
واختلف الشيوخ هل الإثم فيه مثبتًا، والإثم الحاصل عن اليمين الحادث قطعًا، أو خطأ درجة، اعتبارًا بالشك، وهو الصحيح.
قوله: «والغموس هو الكذب»: وهذا كما ذكره، وهي مخصوصة بالماضي المقطوع، فإنه كذب، وسميت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم. وقد اختلف الفقهاء هل فيها الكفارة أم لا؟ فقال مالك: لا كفارة

الصفحة 652