كتاب روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (اسم الجزء: 1)

واختلف المذهب إذا قال: وعهد الله وميثاقه وكفالته هل تكرر عليه الأيمان أم لا؟ حكى الشيخ أبو الطاهر فيه روايتين، وإن تعدد المحلوف عليه، واتحد المحلوف به مثل أن يقول: والله لا كلمت زيدًا، ولا دخلت الدار، ولا شربت عسلًا، فاليمين متعلقة بكل واحدة منها، فإن فعل جميعها حنث إجماعًا. فإن فعل بعضها هل يقع عليه الحنث أم لا؟ المشهور أنه يحنث بالمخالفة في واحد، وحكى ابن الجلاب وغيره أنه لا يحنث حتى يفعل الجميع وهذا شاذ في مذهب مالك محمول على ما إذا لم يقصد فيجري فيه الخلاف على الأصل المعلوم، هل يقع التحنيث بالأقل أو بالأكثر. فأما لو قصد أحد الوجهين بقصد رجع إليه، وبناء على الأصل الذي ذكرناه هل يقع الحنث بالأقل أو بالأكثر، أو يقول لأربع زوجات له: إن فعلتن كذا فأنتن طوالق، أو لإيماء إن فعلتن كذا فأنتن أحرار، فإن فعلن الجميع وقع الحنث بلا خلاف، وإن فعل ذلك بعضهن فيه ثلاثة أقوال في المذهب، فقيل: يقع الحنث عليه بالجميع بناء على أن الحنث بالأقل. الثاني: لا يقع عليه الحنث في واحدة منهن إلا بفعل الجميع بناء على أن الحنث لا يقع إلا بالأكثر. الثالث: أنه يقع الحنث عليه فيمن فعل دون من لم يفعل ملاحظة للمعنى، وهو أن كل شخص منه كالمحلوف عليه. ولو حلف لا يأكل خبزًا وزيتًا فأكلهما جميعًا فهو حانث، فإن أكل واحدًا منهما فهل يحنث أم لا؟ فيه قولان جاريان على ما قلناه من الحنث بالأقل، أو بالأكثر، والأصح أنه غير حانث، لأن ظاهر لفظه الجمع بينهما.

الصفحة 656