كتاب روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (اسم الجزء: 1)

النكاح بأشياء لم يكن لغيره، وزعم أن هذا من ذلك العمل.
قوله: «وأما الإجبار فلا يملكه إلا الأب وحده على صغار بناته» وهذا فيه مناقشة، لأن صغير البنين كصغير البنات ولا معنى لخصوصية الإناث، فلو قال: على صغار ولده لكان أحسن لأنه إنما تكلم على إجبار المستحق وهو عام في الذكور والإناث، ولعله إنما قصد إجبار المنكوح لا الناكح، لأنه إنما صدر الفعل بذكر المنكوحات، على ذلك تأولت كلامه وقت الإقراء. فبدأ -رحمه الله- بالصغار تحرزًا من الكبار، إلا أنه عطف الأبكار البوالغ على الصغار، وأدخل الصنفين تحت حكم الجبر، وفي ذلك تفصيل مذهبي قد قدمنا الإشارة إليه، لبابه أن البكر الصغيرة يجبرها الأب، واختلف النظر في الصغيرة الثيب هل لعلة الصغر، أو لثيوبة فلا تجبر، والبكر البالغ المعنسة تجبر على أحد القولين اعتبارًا بالبكارة، ولا يجبر على القول الآخر، تغليبًا لحكم التعنيس.
وأما الثيب البالغ فلا تجبر إلا أن تثيب قبل البلوغ، أو تثيب بزنا ففي القسمين الخلاف الذي قدمنا ذكره، وقد تقرر أن الجبر خارج عن معهود الشريعة، وإنما خص له الآباء على صفة لما ثبت لهم من خصوصية الإشفاق، وحسن النظر. وهل يتنزل وصيه في ذلك، وولده المفوض إليه منزلته، سأذكر ما فيه من الاختلاف بعد.
وذكر أن الأب وسائر الأولياء سواء في الإنكاح بالاستئذان، ورتب العصبة فيه على حكم ترتيبهم في التعصب، وقدم البنين على الآباء. وقد اختلف المذهب في ذلك فقيل: ولد البنت مقدم على أبيها، وقيل: أبوها مقدم على ولدها، فالأول: نظر إلى قوة التعصيب، والثاني: أن الأصل الوجود. وقدم الإخوة ما كانوا على الجد، وفيه أيضًا اختلاف في المذهب، المشهور ما ذكر من تقديم الإخوة، والشاذ تقديم الجد، وهو قول المغيرة، والظاهر التساوي بناء على أنه إن اختار في الميراث أن يكون أخًا من الإخوة فله

الصفحة 732