كتاب روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (اسم الجزء: 2)

شيء، وسئل مالك بن أنس عن ذلك فقال: لا شيء عليك وهو قول سعيد بن المسيب وغيره، واعتمد هؤلاء على النص والمعنى. أما النص فما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا طلاق قبل النكاح) وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: (لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق فأراد أن يتزوجها فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك وقال: (لا طلاق قبل النكاح) وعلى هذا الحديث اعتمد مالك، وبه أفتى المخزومي وفي إسناده مقال، وأما المعنى فينظر إلى أن الطلاق يستدعي محلًا قابلًا، ولا يتعين الحمل إلا بالعقد فحيث لا عقد لا يصح الطلاق، إذ لا معنى للطلاق لأجل العصمة المنعقدة.
وأشار الأولون إلى أن المحلية حاصلة بالشرط إلى اللزوم ومرتب على الالتزام، والالتزام إنما كان بشرط التزويج فإذا كان الطلاق معلقًا بالتزويج صدقت المحلية المشترطة في اللزوم، ولهذا اتفق المذهب على أن من قال لأجنبية: أنت طالق ولا يريد إن تزوجتك فلا شيء عليه، ولعله المراد بقوله -عليه السلام-: (لا طلاق قبل النكاح) يريد نفي اللزوم، ومع نفي التعلق الذي يقتضي النظر. وأما اعتبار تحقيق المحلية وهي حاصلة فلا يلزم مطلقًا، أما اعتبار الشرط فيجري مطلقًا، وأما من فرق بين العموم والخصوص فنظر إلى أن اللزوم مع العموم من باب التضييق والحرج الذي رفعه الشرع بخلاف الخصوص (وهو) استحسان، ومقتضى الدليل اعتبار أحد أمرين كما قدمناه، وعلى نحو هذا الاختلاف اختلفوا في اليمين على الملك مثل أن يحلف ألا يشتري مملوكة (فقيل) لا يلزمه اليمين مطلقًا، عم أو خص ملاحظة لما أشرنا إليه، ولأن ذلك حرج مرفوع شرعًا، وقيل يلزم مطلقًا، لأن الحرج مرفوع ببقاء نوع من المنكوحات.

الصفحة 819