كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

وَسن لرجال زِيَارَةُ قبر مُسلمٍ (¬١)
وَالْقِرَاءَةُ عِنْده (¬٢) وَمَا يُخَفف عَنهُ، وَلَو بِجعْل جَرِيدَة رطبَة فِي الْقَبْر (¬٣)،
وَقَولُ زائر
---------------
(¬١) للحديث: «زوروا القبور، فإنها تُذَكِّرُ الآخرةَ»، رواه مسلم، لكن بلا سفر كما في الإقناع والغاية، وقيَّد به البهوتي إطلاقَ المنتهى. ويكون أمامه - أي: مقابلاً له كما لو كان حياً، والقبلة خلفه - واقفاً، ذكره في الإنصاف والإقناع. وأما زيارة قبر الكافر فمباحة.

(تتمة) أما المرأة فتكره لها زيارة القبور على المذهب، وإن عُلم أنه يقع منهن محرم حرمت، ويستثنى من ذلك: قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه، فعلى المذهب: تسن زيارتها للرجال والنساء.
وفي الإنصاف بعد أن قدم المذهب - وهو كراهة زيارة النساء للقبور - قال: (وعنه: يحرم، كما لو علمت أنه يقع منها محرم، ذكره المجد واختار هذه الرواية بعض الأصحاب، وحكاها ابن تميم وجهاً، قال في جامع الاختيارات: وظاهر كلام الشيخ تقي الدين: ترجيح التحريم؛ لاحتجاجه بلعنه - عليه الصلاة والسلام - زوارات القبور، وتصحيحه إياه).
(¬٢) أي: عند القبر.
(¬٣) هذا هو المذهب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع جريدة، وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا، متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وقد جاء في البخاري عن بريدة رضي الله عنه أنه أوصى أن يوضع على قبره جريدة رطبة. ويقول النووي فيما نقله عنه ابن النجار وغيره: (إذا رجي التخفيف بتسبيح الجريدة، فقراءة القرآن من باب أولى).
وفي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام: (وقال أبو العباس في غرس الجريدتين نصفين على القبرين: إن الشجر والنبات يسبح ما دام أخضر فإذا يبس انقطع تسبيحه، والتسبيح والعبادة عند القبر مما توجب تخفيف العذاب كما يخفف العذاب عن الميت بمجاورة الرجل الصالح كما جاءت بذلك الآثار المعروفة ولا يمتنع أن يكون في اليابس من النبات ما قد يكون في غيره من الجامدات مثل حنين الجذع اليابس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسليم الحجر والمدر عليه وتسبيح الطعام وهو يؤكل)

والقول الثاني في المذهب: عدم الاستحباب، وذكر المرداوي أن جماعة أنكروه؛ وبعضهم علل: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أن الميت يعذب، وأما غيرُهُ فلا يَدري أن الميت يعذب أو لا؟

الصفحة 189