كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

وَحرُم نقلهَا إلى مَسَافَةِ قصرٍ إن وُجد أهلُها (¬١)،
فإن كَانَ فِي بلد وَمَالُه فِي آخر أخرَجَ زَكَاةَ المَال فِي بلدِ المال، وفطرتَه وفطرةً لَزِمتهُ فِي بلد نَفسه (¬٢)، وَيجوز تَعْجِيلُهَا لحولين فَقَط (¬٣).
---------------
(¬١) فيحرم نقلها إلى مسافة قصر فأكثر - لا دونها - من بلد المال، ولو كان لرحم أو أشد حاجة. فإن فعل أجزأت مع الإثم. وإن لم يجد المزكي أهلَ الزكاة في بلده فرقها - على أهلها - في أقرب البلاد إليه.

(تتمة) يستثنى من تحريم نقل الزكاة من بلد المال: ما إذا ترتب على جعل الزكاة في فقراء بلد كل مال تشقيصُ زكاةِ الحيوان السائمة، فإنها تجعل في بلد واحد، كما لو كان له عشرون مختلطة مع عشرين لآخر في بلد، وعشرون أخرى مختلطة مع عشرين لآخر في بلد آخر أيضاً بينهما مسافة قصر؛ فإن عليه في كل خلطة نصف شاة فيخرج شاة في أي البلدين شاء، والله أعلم.
(¬٢) فزكاة المال تتبع المال، وزكاة الفطر تتبع البدن؛ لأنه سببها. فمن كان في الأحساء وعنده مال في الرياض، أخرج زكاة ذلك المال في الرياض، وأما الفطرة، فلو أن مصرياً أقام في المملكة وأهله في مصر، فيخرج الفطرة عن نفسه وأهله في المملكة.
لكن يرد عليه إشكال: وهو كون الناس هناك أحوج إليها ممن في المملكة، فهل يجوز أن يخرجها في مصر؟ عندي فيها تردد، فلتحرر. والله أعلم.
(¬٣) والأفضل تركه. ويستثنى من جواز التعجيل: ما يستفاد من ربح التجارة، ونتاج السائمة، وكذا المعدن، والركاز، والزروع، والثمار، فلا يجوز تعجيل زكاتها قبل حصولها. أما غير ذلك، فيجوز فيه التعجيل بشرطين:
(الشرط الأول) كونه بعد كمال النصاب: فلا يجوز قبل ذلك؛ لعدم انعقاد سبب وجوب الزكاة كالتكفير قبل الحلف؛ قال في المغني: (بغير خلاف نعلمه).
(الشرط الثاني) ألا يعجل لحولين من المال، وإذا أخرج من غير المال أجزأه. فمن عنده أربعون شاة فعجَّل منها قبل حَوَلان الحول واحدةً للحول الأول وأخرى للحول الثاني، فلا يجزئه؛ لنقصان النصاب في الحول الثاني. والعلة: أن المعجل للحول الأول في المذهب هو في حكم الموجود في النصاب، وأما المعجل للحول الثاني فهو في حكم المفقود. لكن لو عجل واحدة من النصاب، واشترى الثانية للحول الثاني من السوق أجزأه، ولهذا قال الشارح في كشف المخدرات: (لا منه للحولين).

الصفحة 219