كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

يصيرَ ظلُّ كلِّ شَيْءٍ مثلَيْهِ سوى ظلِّ الزَّوَالِ (¬١)،
والضرورةُ إلى الْغُرُوبِ (¬٢)، ويليه المغربُ حَتَّى يغيبَ الشَّفقُ الأحمرُ (¬٣)،
ويليه الْمُخْتَارُ للعشاء إلى ثلث
---------------
(¬١) هذا الوقت المختار، والأصل فيه حديث إمامة جبريل - عليه السلام - للنبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، وفي اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه، ونقل الترمذي عن البخاري أن هذا أصح شيء في المواقيت. والرواية الثانية عن الإمام أحمد: استمرار وقت العصر إلى اصفرار الشمس لحديث ابن عمرو: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم، وهو أطول من الوقت الأول. وعلى هذه الرواية، فإن وقت الاضطرار يبدأ إذا اصفرت الشمس. وذكر الإقناعُ هذه الرواية - بعد ذكره للمذهب -، واختارها الموفق والمجد، وقال صاحب الفروع: (اختاره جماعة، وهي أظهر) انتهى.

(فائدة) قيل: اصفرار الشمس يكون قبل الغروب بنصف ساعة تقريباً.
(¬٢) أي: وقت الضرورة من حين يصير ظلُّ كل شيء مثليه إلى الغروب، ولو وقعت الصلاة في هذا الوقت كانت أداءً، وهو وقت مختص بمن له ضرورة فقط كحائض طهرت، وصبي بلغ، ومجنون أفاق، ونائم استيقظ، ومريض برأ، وذمي أسلم، وكذلك خباز، أو طباخ، أو طبيب فصد، وخشوا تلف ذلك، قاله الزركشي. ويحرم تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة من غير ضرورة لحديث: «تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» رواه مسلم، فالذم على التأخير يقتضي التأثيم، كما قاله التنوخي في (الممتع شرح المقنع).
(¬٣) يمتد وقت المغرب من كمال غياب قرص الشمس إلى غياب الشفق الأحمر، والمراد به: الحمرة المعترضة في السماء. وفي الشرح الممتع لابن عثيمين أنه يتراوح ما بين ساعة وربع، إلى ساعة ونصف وثلاث دقائق تقريباً بعد الغروب. ولذلك فالتقويم عندنا في السعودية يجعلون مدة الوقت بين العشائين ساعةً ونصفًا يومياً.

(تتمة) والمغرب له وقتان، قال في الإنصاف: على الصحيح من المذهب، وقال في الإقناع: ولها وقتان، وقت اختيار وهو إلى ظهور النجوم، وما بعده وقت كراهة، انتهى. وهذا هو المذهب، وإن لم يذكره المنتهى؛ للقاعدة: كل مسألة زادها الإقناع أو المنتهى على الآخر فهي المذهب، لا سيما وأن أصلها الإنصاف.

الصفحة 72