كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

ذَكَاةٍ (¬١)، أو جارحٌ معلَّمٌ وَهُوَ أن يسترسِلَ إذا أُرسلَ، وينزجرَ إذا زُجرَ، وإذا امسك لم يَأكُل (¬٢)،
وإرسالُها قَاصِداً، فَلَو استرسل جارحٌ بِنَفسِهِ فَقتل صيداً
---------------
(¬١) (الشرط الثاني) آلة الصيد، وهي نوعان: [النوع الأول] محدد، وهو كآلة ذكاة: ويشترط فيها: ١ - أن تكون جارحة بنفسها، ٢ - وأن تقتل الصيد بجرحها لا بثقلها أو خنقها، ٣ - وأن لا يوجد في الصيد أثر غير تلك الآلة، أو يوجد أثر شارك آلة الصيد ولا يحتمل الإعانة على القتل كأكل الهر للصيد الميت؛ لأنه لا يمكنه أن يقتله.
(تتمة) الصيد بالرصاص: اختلف الحنابلة في الذكاة بالرصاص، فذهب ابن بدران (ت ١٣٤٦ هـ) - كما في حاشيته على الأخصر - إلى أن الصيد يحل به؛ لأنه يجرح وينهر الدم، أما اللبدي (ت ١٣١٩ هـ) - وهو معاصر لابن بدران -، فذهب إلى عدم الحل؛ لأن الرصاص يقتل لا بحده؛ لكونه غير محدد، وفصّل بعضهم فقال: إن كان للرصاص رأس حاد، فإن الصيد يحل به، وإلا فلا، قلتُ: وهو أشبه بأصول المذهب كالصيد بالمعراض وهو عود محدد، فإن أصاب المعراضُ الصيدَ بحده الجارحِ أبيح الصيد، وإن أصابه بعرضه غير الجارح لم يبح الصيد، والله أعلم. (خلاف المتأخرين)
(¬٢) [النوع الثاني] من آلة الصيد الجارح المعلَّم، والجارح لغة: الكاسب، قال تعالى: {ويعلم ما جرحتم بالنهار} [الأنعام، ٦٠]، أي: ما كسبتم، والمراد به هنا: ما يصيد بنابه كفهد وكلب، أو مخلب من الطيور كصقر وباز، ويشترط في الجارح أربعة شروط: ١ - أن لا يكون كلباً أسود، ٢ - وأن لا يشاركه ما لا يباح صيده كالكلب غير المعلم، ٣ - وأن يكون معلَّماً، ٤ - وأن يجرح الصيد في أي مكان، فلا يحل الصيد إن خنقه أو قتله بصدم.
أما تعليم ما يصيد بنابه كالفهد والكلب، فيشترط فيه ثلاثة شروط: ١ - أن يسترسِل إذا أُرسل، أي: يمشي وينطلق إذا أرسله الصائد، ٢ - وينزَجِر إذا زُجر، أي: يتوقف عن العدو إذا نهره صاحبه، ٣ - وإذا أمسك لم يأكل؛ ليُعلم أنه لم يصد لنفسه.

أما ما يصيد بمخلبه كالصقر، فيشترط فيه الشرطان الأولان دون الأخير؛ لأنه يصعب تعليمه أن لا يأكل، فلو صاد وأكل من الصيد لم يحرم.
(تتمة) في الإقناع: (وإن أدرك الصيدَ وفيه حياة غير مستقرة بل متحركاً كحركة المذبوح فهو كالميتة: لا يحتاج إلى ذكاة - أي: فيكون حلالاً -، وكذا لو كان فيه حياة مستقرة فوق حركة المذبوح ولكن لم يتسع الوقت لتذكيته، وإن اتسع الوقت لها لم يبح إلا بها، وإن خشي موته ولم يجد ما يذكيه لم يبح أيضاً).

الصفحة 742