كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

كِسوتِهم كِسوَةً تصحُّ بهَا صَلَاةُ فَرضٍ، أو عتقِ رَقَبَةٍ مُؤمنَةٍ (¬١)، فَإِن عجز كفطرةٍ صَامَ ثَلَاثَة أيامٍ متتابعة (¬٢).
ومبنى يَمِينٍ على العُرف (¬٣)،
وَيُرجَعُ فِيهَا إلى نِيَّةِ حَالفٍ لَيْسَ ظَالِماً، إن احتملها لَفظُه كنيتِه بِبِنَاءٍ وسقفٍ السَّمَاءَ (¬٤).
---------------
(¬١) كفارة اليمين تجمع تخييراً وترتيباً: فيُخير ابتداءً بين ثلاثة أمور، فإن عجز عن جميعها، انتقل إلى الرابع، ولا يجوز الانتقال إليه مع قدرته على أحد الثلاثة الأُول، وهي: ١ - إطعام عشرة مساكين، ويشترط فيهم: المسكنة - والفقر أَولى -، والإسلام، والحرية، ويشترط استيعاب العدد، فلا يجزئ إطعام مسكين واحد عشرة أيام. ٢ - أو كسوتهم كسوة تصح بها صلاة فرض، للرجل ثوب وللمرأة درع وخمار. ٣ - أو عتق رقبة مؤمنة.
(¬٢) أي: فإن عجز عن جميع الثلاثة السابقة انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، ويجب أن تكون متتابعة إن لم يكن له عذر في عدم التتابع كمرض ونحوه. والمراد بالعجز هنا: أن لا يفضُل عن حوائجه الأصلية ومؤنته ومؤنة عياله وقضاء دينه شيء، فينتقل إلى الصيام.
(¬٣) والمراد بذلك: ما اشتهر مجازه حتى غلب الحقيقة - أي: الحقيقة اللغوية - كالدابة، فإن حقيقتها في اللغة: كل ما دب على وجه الأرض، لكنها تطلق في العرف على الخيل والبغال والحمير.

(تتمة) ذكر الماتن لهذه المسألة هنا مشكل؛ لأنه ليس المحل المناسب لها، وإنما ينتقل إلى المعنى العرفي بعد النية والسبب والتعيين والمعنى الشرعي كما سيأتي.
(¬٤) انتقل الماتن إلى ما يسمى بجامع الأيمان، وهو باب كبير في المطولات: فإذا حلف الإنسان رُجع في يمينه إلى نيته بشرطين: (الشرط الأول) ألا يكون ظالماً، وسواء كان مظلوماً أو غير مظلوم، أما الظالم الذي يستحلفه حاكم بحق عليه، فيمينه على ما يصدقه صاحبها، قاله في شرح المنتهى. (الشرط الثاني) أن يحتملها لفظه كقوله: والله لأجلسنَّ تحت السقف أو تحت البناء، وهو يقصد السماء، فيصح، أما لو لم يحتملها اللفظ، فيرجع إلى ظاهر لفظه ولا عبرة بنيته كما لو حلف لا يركب سيارة فلان ونوى عدم دخول بيته، فلا يصح؛ لأن لفظه لا يحتمله. وفائدة النية: تخصيص عموم اللفظ، أو تعميم خاصه، أو تقييد مطلقه، ومثال تخصيص العموم قوله: والله لا آكل اللحم، ونوى به لحم الغنم، فإن يمينه تخصص بذلك، فلا يحنث بأكل لحم البقر مثلاً.
(تتمة) إذا حلف شخص فيرجع في يمينه إلى نيته إذا احتمل لفظه نيته، فإن لم يكن للحالف نية، رُجع إلى سبب اليمين وما هيّجها - أي: أثارها -، فإن عُدما - أي: النية وسبب اليمين - رُجع إلى التعيين، وهو الإشارة، كقوله: والله لا ألبس هذا الثوب، فتتعلق يمينه بذلك الثوب دون غيره. فإن عدم النية والسبب والتعيين رُجع إلى ما تناوله الاسم، والأسماء نوعان: (النوع الأول): ما له مسمى واحد فقط في الشرع والعرف واللغة كسماءٍ وأرض، ورجل وامرأة، فهذا ومثله تنصرف يمين الحالف إلى ما سماه بغير خلاف، (النوع الثاني) ما له مسميات مختلفة من حيث الشرع والعرف واللغة، فيقدم منها مع الإطلاق الشرعي فالعرفي فاللغوي، انظر: شرح ابن النجار على المنتهى (١١/ ١٢٣).

الصفحة 749