كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

وَيعتَبرُ لَهَا شَيئَانِ:
الأول: الصّلاحُ فِي الدّين، وَهُوَ أداء الفَرَائِضِ برواتِبِها، وَاجتنَابُ المحَارِم بِأَن لَا يَأتِي كَبِيرَةً وَلَا يُدْمِنَ على صَغِيرَةٍ (¬١).
---------------
(¬١) أي: يشترط للعدالة شرطان: (الشرط الأول) الصلاح في الدين، وهو أمران كذلك: [الأمر الأول] أداء الفرائض برواتبها: أي: سُنَنها، فلا تقبل شهادة من داوم على ترك الرواتب، لكن تقبل ممن أتى بها في بعض الأيام وتركها في بعض، والمراد بأداء الفرائض: أداء الصلوات الخمس والجمعة، ويدخل هنا كذلك القيام بالفرائض من صيام وحج. [الأمر الثاني] واجتناب المحارم، بأن لا يأتي كبيرة ولا يدمن - أي: لا يداوم - على صغيرة، وإلا لم يكن عدلاً. والكبيرة على المذهب: ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، وزاد شيخ الإسلام: أو غضب أو لعنة أو نفي إيمان.
(تتمة) عدم الصلاح في الدين هو الفسق، سواء كان من جهة الأفعال كالزاني واللائط، أو من جهة الاعتقاد - ولو اعتقد صحة اعتقاده - كالرافضة المقلدين في سب الصحابة رضي الله عنهم وتفسيقهم، وتقديم علي رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه في الخلافة، وكذا المقلد في القول بخلق القرآن، والمقلد في نفي رؤية الله في الآخرة، فكل هؤلاء فسقة، أما المجتهد من هؤلاء الداعية إلى اعتقاده، فإنه يعتبر كافراً على المذهب، والقاعدة عند الحنابلة: أن كل بدعة مكفرة فإن المقلد فيها يكون فاسقاً.
أما الفروع الفقهية المختلف فيها: كالنكاح بلا ولي، وتأخير الحج مع القدرة، وغير ذلك مما هو محرم على المذهب، فمن فعلها مستدلاً على حله باجتهادٍ، أو مقلداً لإمام من الأئمة لم ترد شهادته، ومن فعلها معتقداً تحريمها وقت فعلها، فهو فاسق ترد شهادته، قال في شرح المنتهى: (ولعل المراد مع المداومة، كما يعلم مما سبق. انتهى).

الصفحة 779