كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

الرَّابِع: اجْتِنَابُ نَجَاسَةٍ غيرِ مَعْفُوٍ عَنْهَا (¬١) فِي بدنٍ وثوبٍ وبقعةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ (¬٢).
وَمن جَبَرَ عَظْمَهُ أو خاطَه بِنَجِس وتضرر بقلعه لم يجبْ، وَيتَيَمَّم إن لم يغطِّه اللَّحْمُ (¬٣). وَلَا تصح بِلَا عذرٍ فِي مَقْبرَةٍ وخلاءٍ وحمامٍ وأعطانِ إبلٍ، ومجزرةٍ، ومزبلةٍ، وقارعةِ طَرِيقٍ وَلَا فِي أسطحتِهَا (¬٤).
---------------
(¬١) أما المعفوّ عنها، فلا يجب اجتنابها كالدم اليسير من حيوان طاهر في غير طعام وشراب، ويسير طين شارع تحققت نجاسته، وأثر الاستجمار في محله، والمتقاطر من البول لمن به سلس بعد كمال التحفظ. وذكر الإقناع عدة مسائل متعلقة بالنجاسات التي يعفى عن يسيرها.
(¬٢) والدليل على اشتراط طهارة الثوب: قوله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر، ٤]. ودليل اشتراط طهارة البدن: حديث: «تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه» رواه الدارقطني. ودليل اشتراط طهارة البقعة: حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصب على بوله ذنوبٌ من ماء، متفق عليه. والمراد بالبقعة: مواضع أعضاء السجود، فلا تبطل بكون ما يقابل صدره نجساً مثلاً مع طهارة مواضع السجود.

(تتمة) ذكر البهوتي في حاشيته على المنتهى أنه لا يجب في غير الصلاة اجتناب النجاسة في الأصح، وقد تقدم في الطهارة أنه لا يجب الاستنجاء على من قضى حاجته إلا إن أراد الصلاة.
(¬٣) فإن تضرر بقلعه لم يجب القلع، وإلا وجب، ويتيمم وجوباً إن لم يغطه اللحم، فإن غطاه فلا يجب التيمم ويغسل العضو كغيره من الأعضاء.
(¬٤) لا تصح الصلاة في هذه المواطن تعبداً، فلا يلحق بها غيرها: ١ - المقبرة: وهي مدفن الموتى، ولا بد أن يكون فيها ثلاثة قبور فأكثر وإلا صحت الصلاة، فلا يضر قبر ولا قبران، وفي الإنصاف: (وقيل: يضر، اختاره الشيخ تقي الدين، والفائق. قال في الفروع: وهو أظهر)، ٢ - الخلاء: وهو ما أُعِد لقضاء الحاجة، قال في الإقناع: (فيمنع من الصلاة داخل بابه وموضع الكنيف وغيره سواء). فأما إن كانت غرفة في إحدى جوانبها حش ليس له باب أو مفتوحاً على الغرفة بلا جدران، فالظاهر تعلق النهي بموضع الكنيف؛ لأن الحش هنا تابع، والله أعلم (تحرير)، ٣ - الحمام: يشبه الساونا، وهو موجود في بعض الدول كالمغرب وسوريا، ٤ - أعطان الإبل: وهو المكان الذي تقيم فيه وتأوي إليه لا الذي ترعى فيه، ٥ - المجزرة: وهو المكان المعد للذبح، وهل محل بيع اللحم الذي يسمى الآن ملحمةً مجزرةٌ؟ الظاهر: ليس مجزرة؛ لأنها لم تعد للذبح، بل لتقطيع اللحم وبيعه فقط، والله أعلم (تحرير)، ٦ - المزبلة: وهو مرمى الزبالة، ولو كانت طاهرة، ٧ - قارعة الطريق: لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة: ظهر بيت الله والمقبرة والمزبلة، والمجزرة، والحمام، ومعطن الإبل، ومحجة الطريق» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: (ليس إسناده بالقوي) وفي المطلع: (قارعة الطريق: وسطه، وقيل: أعلاه، والمراد به هاهنا: نفس الطريق ووجهه)، وفي شرح المنتهى للبهوتي: (أي: محل قرع الأقدام من الطريق ... سواء فيه سالك أو لا)، وفي الإقناع: (قارعة الطريق: ما كثر سلوكه سواء كان فيه سالك أو لا .. ولا بأس بما علا عن جادة الطريق يمنة أو يسرة نصا)، قلت: وسواء كان الذي يسلكه أناسي، أو سيارات، أو دراجات أو غيرها والله أعلم، ٨ - أسطحة هذه المواطن؛ لأن الهواء تابع للقرار.
(تتمة) يستثنى من ذلك عدة مسائل: ١ - تصح صلاة الجنازة في المقبرة ولو قبل الدفن بلا كراهة، ٢ - تصح صلاة الجمعة والجنازة والعيد في الطريق للضرورة بأن ضاق المسجد أو المصلى واضطُرُّوا للصلاة في الطريق للحاجة، ٣ - تصح الصلاة على الراحلة في الطريق، وستأتي بإذن الله، ٤ - إذا كان هناك عذر -كما لو حبس فيها -، كما ذكر المؤلف.

الصفحة 78