كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

عزاهُ لسَبَبٍ فَلَا (¬١).
وإن أنكر سَبَبَ الحقِّ ثُمَّ ادّعى الدَّفعَ بِبَيِّنَةٍ لم يُقبَل (¬٢).
---------------
(¬١) أي: يقبل قوله في القضاء أو الإبراء إلا في حالتين: ١ - أن يثبُت ما أقر به ببينة، ٢ - أو يعزوه لسبب، كقوله: له علي ألف ريال ثمن مبيع وقضيته؛ فهذا استثناءٌ من أصل المسألة، ففي الحالتين لا يقبل قوله بالقضاء أو الإبراء إلا ببينة.
(¬٢) هذه المسألة لم أجدها هنا لا في الإقناع ولا في المنتهى، ولم يشرحها الشارح على وجهها، وأفضَلُ من شَرَحها الشيخُ ابن جامع في «الفوائد المنتخبات»، وهو من تلاميذ ابن فيروز. وصورة المسألة: أن يدعي زيد على عمرَ ألف ريال ثمنَ مبيع، فينكر عمرُ سبب الحق - وهو البيع -، فيقول: أنا لم اشترِ منك، ثم يثبت ذلك الشراء ببينة، فيدَّعِي عمرُ دفعَ الثمن - أي: الألف - في زمن سابق لإنكاره سبب الحق، فيقول مثلاً: أنا قضيته أو أبرأتني منه قبل أن أقول لك: لم أشتر منك، فإنه لا يقبل منه ولو أتى ببينة تشهد له على ذلك، فهو قد أنكر سبب الحق ثم ثبت عليه ببينة ثم ادعى أنه قضاه أو أبرئ منه قبل إنكاره، فلا يقبل قوله ولو ببينة. وإن ادعى قضاءً أو إبراءً في زمن متأخر عن إنكاره، قُبل قوله بيمينه. ثم وجدت المسألة في الإقناع والمنتهى والغاية في كتاب القضاء في باب: (طريق الحكم وصفته)، في فصل: (وإن قال المدعِي: ما لي بينة)، قال في الإقناع وشرحه: ((فأما إن أنكره، ثم ثبت، فادعى قضاءً أو إبراءً سابقاً لإنكاره لم يسمع) منه (وإن أتى ببينة، نصاً) فلو ادعى عليه ألفاً من قرض فقال: ما اقترضت منه شيئاً، أو من ثمن مبيع فقال: ما ابتعت منه شيئاً، ثم ثبت أنه اقترض أو اشترى ببينة أو إقرار فقال: قضيته من قبل هذا الوقت، أو: أبرأني من قبل هذا الوقت، لم يُقبل منه ولو أقام به بينة؛ لأن القضاء أو الإبراء لا يكون إلا عن حق سابق، وإنكار الحق يقتضي نفي القضاء أو الإبراء منه، فيكون مكذباً لدعواه وبينته، فلا تسمع لذلك .. واحترز بقوله: سابقاً على إنكاره: عما لو ادعى قضاءً أو إبراءً بعد إنكاره، فإنه تسمع دعواه بعد ذلك، وتقبل بينته؛ لأن قضاءه بعد إنكاره كالإقرار به، فيكون قاضياً لما هو مقر به، فتسمع دعواه به كغير المنكر، وإبراء المدعي بعد الإنكار إقرار بعدم استحقاقه، فلا تنافي بين إنكاره وإبراء المدعي، فتسمع البينة بذلك).

الصفحة 795