كتاب الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

وَمن أقرَّ بِقَبضٍ أو إقباضٍ أو هبةٍ ونحوِهن، ثُمَّ أنكَرَ وَلم يجحَدْ إقرارَهُ وَلَا بَيِّنَة، وَسَأَلَ إحلافَ خَصمه لزمَهُ (¬١).
---------------
(¬١) أي: إذا أقر شخص أنه قبض ثمن السلعة التي باعها من المشتري، ثم أنكر، وقال: ما قبضته، ولم يجحد الإقرار الصادر منه بالقبض، وليس عنده بينة تشهد بذلك، وسأل البائعُ الحاكمَ أن يستحلف المشتري أنه دفع الثمن للبائع، لزم المشتري أن يحلف: أنه دفع الثمن للمشتري، فإن نكل قُضي عليه بالنكول، ويُلزم بدفع الثمن للبائع.
هذه المسألة مما يحصل كثيراً في المحاكم عند كُتاب العدل، وصورتها: أن يشتري شخص من آخر أرضاً مثلاً، فيقول المشتري للبائع: أخبر كاتبَ العدل أنك استلمت الثمنَ مني، ثم أُعطيك إياه ليلاً أو غداً. فإذا أتيا كاتب العدل، وسأل كاتبُ العدل المشتري: هل اشتريت الأرض؟ فإنه يقول: نعم، وإذا سأل البائعَ: هل قبضت ثمن الأرض؟ فإنه يقول: نعم، فيكون إقراراً منه بقبض ثمن. فإذا امتنع المشتري بعد ذلك من دفع الثمن إلى البائع، ورفع البائع عليه دعوى منكراً قبض الثمن غيرَ جاحدٍ لإقراره السابق بالقبض ولم توجد بينة، فللبائع طلب يمين المشتري أنه أقبضه الثمن، ويُلزمه القاضي بالحلف.
وقوله: (أو إقباض): تظهر ثمرته في الرهن والهبة؛ لأنهما يلزمان بالقبض، فيقول الراهن: أقبضتُ المرتهنَ الرهنَ، ثم ينكر الإقباض، ولا يجحد إقراره السابق، ولا توجد بينة تشهد بشيء، فلو سأل منكِرُ الإقباض - وهو الراهن - إحلافَ خصمه أنه قبض منه الرهن، فله ذلك، ويلزم القاضي أن يستحلفه، ويلزم الخصم أن يحلف، ومثله الهبة.

الصفحة 796