كتاب الصوت اللغوي في القرآن

تنوين مختتمة بالدال، انسجما صوتياً مع اختلاف الفاصلة والهيأة نتيجة لهذا الوقف الذي قرب من الصوتين.
ثالثاً: ولا يقف فضل الوقف على ما تقدم بل يظهر بمظهر جديد آخر في تقاطر العبارات وتناسقها، وهي مختلفة في المواقع الإعرابية، وكأنها في حالة إعرابية واحدة وإن لم تكن كذلك، نتيجة للصوت الواحد في الوقوف على السكون في آخر الفاصلة.
أ ـ في سورة المدثر، يقترن المرفوع المنون، بالمجرور المنون، يليه المنصوب المنون، ولا تحس لذلك فرقاً في سياق واحد في قوله تعالى:
(كأنهم حمر مستنفرة * فرّت من قسورة * بل يريد كل امرىء منهم أن يؤتى صحفا منشّرة) (1). فالكلمات: «مستنفرة» مرفوعة منونة، تلتها «قسورة» مجرورة منونة، تلتها «منشرة» منصوبة منونة، ولم تنطق صوتياً عند الوقف بكل هذه التفصيلات، بل وقفنا على الهاء.
ب ـ وفي سورة القيامة يقترن الاسم المنصوب في الفاصلة بالظرف مع الاسم المجرور بسياق واحد متناسق يكاد لا يختلف في نبر، ولا يختلط في تنغيم، قال تعالى: (بلا قادرين علا أن نسوي بنانه * بل يريد الإنسان ليفجر أمامه * يسئل أيان يوم القيامة) (2).
فالألفاظ: «بنانه» مفعول به منصوب مضاف إلى الهاء، و «أمامه» ظرف مضاف إلى الضمير، و «القيامة» مجرورة مضاف إليه. وجاءت الأصوات متقاطرة بالهاء عند الوقف.
أما الوقف في وسط الآية، وفي نهاية الجملة، وعند بعض الفقرات من الآيات، فإنه يخضع لقواعد إعرابية حيناً، وتركيبة حيناً آخر، وقد أشرنا إليها فيما سبق، ولا يترتب عليها كبير أمر في الأصوات، لهذا كانت الإشارة مغنية، وكان التفصيل في الوقف عند الفواصل لارتباطه بالصوت اللغوي.
__________
(1) المدثر: 50 ـ 52.
(2) القيامة: 4 ـ 6.

الصفحة 111