الصوت الأقوى في الأداء القرآني:
في الأداء القرآني يحدث أن يحتل صوت مكان صوت، أو يدغم صوت في صوت، فيشكلان صوتاً واحداً، ويكون الصوت المنطوق هو الأقوى في الإبانة والإظهار، وهو الواضح في التعبير، حينئذ يكون المنطوق حرفاً، والمكتوب حرفين، والمعول عليه ما يتلفظ به أداءّ، وينطق بجوهره صوتاً، ذلك ما يتحقق بعده الصوتي في ظاهرة الادغام.
إن رصد هذه الظاهرة أصواتياً في التنظير القرآني مهمة جداً لمقاربتها من ظاهرة «المماثلة» عند الأصواتيين.
الادغام عند النحاة: أن تصل حرفاً ساكناً بحرف مثله متحرك من غير أن تفصل بينهما بحركة أو وقف فيصير اتصالهما كحرف واحد (1).
وعند علماء القراءات: هو اللفظ بحرفين حرفاً كالثاني مشدداً؛ وينقسم إلى كبير وصغير، فالكبير ما كان أول الحرفين متحركاً، سواء كانا مثلين أم جنسين، أم متقاربين، وسمي كبيراً لكثرة وقوعه، ووجهه: طلب التحقيق.
والادغام الصغير: ما كان الحرف الأول فيه ساكناً، وهو واجب وممتنع وجائز، والذي جرت عادة القراء بذكره هو الجائز (2).
والادغام عند الأصواتيين العرب عرفّه ابن جني (ت: 392 هـ) بأنه: «تقريب صوت من صوت» (3).
وهو عنده: إما تقريب متحرك من متحرك، فهو الادغام الأصغر، وهو تقريب الحرف من الحرف، وإدناؤه منه من غير ادغام يكون هناك. وإما تقريب ساكن من متحرك فهو الادغام الأكبر لأن الصوت الأول شديد الممازجة للثاني، لأنك إنما أسكنت المتحرك لتخلطه بالثاني وتمازجه به (4).
__________
(1) ظ: ابن يعيش، المفصل: 10|121.
(2) ظ: السيوطي، الاتقان في علوم القرآن: 1|263 و 267.
(3) ظ: ابن جني، الخصائص: 2|139.
(4) ظ: المصدر نفسه: 2|140.