كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الموزونة بتقطيع الأصوات على نسب منتظمة معروفة، يوقع كل منها إيقاعاً عند قطعه فتكون نغمة، ثم تؤلف تلك الأنغام بعضها إلى بعض على نسب متعارفة، فيلذ سمعها لأجل ذلك التناسب، وما يحدث عنه من الكيفية في تلك الأصوات. وذلك أنه تبين في علم الموسيقي أن الأصوات تتناسب، فيكون صوت نصف صوت، وربع آخر، وخمس آخر، وجزءاً من أحد عشر من آخر، واختلاف هذه النسب عند تأديتها إلى السمع يخرجها من البساطة إلى التركيب (1).
والصوت لغوياً: «عرض يخرج مع النفس مستطيلاً متصلا حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته، فيسمى المقطع أينما عرض له حرفاً، وتختلف أجراس الحروف بحسب اختلاف مقاطعها» (2).
هذا التعريف لابن جني (ت: 392 هـ) وهو معني بملامح الصوت اللغوي دون سواه، بدليل تحديده مقاطع الصوت التي تثنيه عن الامتداد والاستطالة، ويسمى وقفة الانثناء مقطعاً في صيغة اصطلاحية دقيقة، نتناولها بالبحث في موضعه، ويسمى المقطع عند الانثناء حرفاً، ويميز بين الجرس الصوتي لكل حرف معجمي بحسب اختلاف مقاطع الأصوات، فتلمس لكل حرف جرساً، ولكل جرس صوتاً.
ولما كانت اللغة أصواتاً يعبر بها كل قوم عن أغراضهم (3). فالصوت بوصفه لغوياً في هذه الدراسة يعني: تتبع الظواهر الصوتية لحروف المعجم العربي، وفي القرآن العظيم بخاصة لأنه حقل البحث، وذلك من حيث مخارج الأصوات ومدارجها، وأقسامها وأصنافها، وأحكامها وعللها، ودلائلها وخصائصها في أحوال الجهر والهمس والشدة والرخاوة، وملامح صوائتها وصوامتها في السكون وعند الحركة، وضوابطها في الأطباق والانفتاح، مما يتهيأ تنظيره من القرآن، ويتوافر مثاله الفريد من الكتاب،
__________
(1) ظ: ابن خلدون، المقدمة: فصل في صناعة الغناء.
(2) ابن جني، سر صناعة الأعراب: 1|6.
(3) ابن جني، الخصائص: 1|33.

الصفحة 15