كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الأذن، وقوته في امتلاك المشاعر، قال تعالى:
(يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التى تؤيه * ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه) (1).
فلا زيادة في هذه الهاء، وهي ضمير في الفواصل كلها، وقد حققت صوتياً مناخ الانتباة، ورصد مواضع الاصغاء من النفس الإنسانية.
الثانية: وتتمثل بحذف حرف ما رعاية للبعد الصوتي، وعناية بالنسق القرآني كما في قوله تعالى:
(والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر) (2).
فقد حذف الياء من يسري موافقة للفاصلة فيما يبدو ومثله قوله تعالى: (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن) (3).
فالياء من «اكرمن» و «أهانن» قد حذفت رعاية لهذا الملحظ، ولما في النون من الغنة عند الوقوف عليها فيما يبدو، ويظهر أن هذا الأمر مطرد في جملة من آيات القرآن الكريم في فواصل ما في قوله تعالى: (لكم دينكم ولى دين) (4).
الثالثة: وتتمثل في تأخير ما حقه التقديم، وتقديم ما حقه التأخير، زيادة في العناية بتركيب السياق، وتناسق الألفاظ، وترتيب الفواصل، كما في قوله تعالى: (فأوجس في نفسه خفيفة موسى) (5). فتأخر الفاعل وحقه التقديم، وعليه يحمل تقديم هارون على موسى في قوله تعالى:
(فألقى السحرة سجدا قالوا ءامنّا برب هارون وموسى) (6). فإن هارون وزير لموسى، وأهمية موسى سابقة له، وقدم هارون عليه رعاية لفواصل آيات السورة، إذا انتظمت على الألف والألف المقصورة في أغلبها، والله العالم.
__________
(1) المعارج: 11 ـ 14. ... (4) الكافرون: 6.
(2) الفجر: 1 ـ 4. ... (5) طه: 67.
(3) الفجر: 15 ـ 16. ... (6) طه: 70.

الصفحة 154