كتاب الصوت اللغوي في القرآن

جلجلة الصوت، وشدة الإيقاع، كل ذلك مما يوضع مجموعة العلاقات القائمة بين اللفظ ودلالته في مثل هذه العائلة الصوتية الواحدة، فإذا أضفنا إلى ذلك معناها المحدد في كتاب الله تعالى، وهو يوم القيامة، خرجنا بحصيلة علمية تنتهي بمصاقبة الشدة الصوتية للشدة الدلالية بين الصوت والمعنى الحقيقي، فقوله تعالى: (الحاقة * ما الحاقة * ومآ أدراك ما الحاقة) (1). إشارة إلى يوم القيامة، وعلم عليها فيما أفاد العلماء، قال الفرّاء (ت: 207 هـ): «الحاقة: القيامة، سميت بذلك لأن فيها الثواب والجزاء» (2).
وقال الطبرسي (ت: 548 هـ) «الحاقة اسم من أسماء القيامة في قول جميع المفسرين، وسميت بذلك، لأنها ذات الحواق من الأمور، وهي الصادقة الواجبة الصدق، لأن جميع أحكام القيامة واجبة الوقوع، صادقة الوجود. وقيل سميت القيامة الحاقة لأنها تحق الكفار من قولهم: حاققته فحققته، مثل: خاصمته فخصمته» (3).
وقيل: لأنها تحق كل إنسان بعمله. ويقال: حقّت القيامة: أحاطت بالخلائق فهي حاقة (4). فإذا رصدت الصاخة، رأيتها القيامة أيضاً، وبه فسّر أبو عبيدة (ت: 210 هـ) قوله تعالى: (فإذا جآءت الصآخة) (5). فأما أن تكون الصاخة اسم فاعل من صخ يصخ، وإما أن تكون مصدراً وقال أبو اسحق الزجاج: الصاخة هي الصيحة تكون فيها القيامة تصخ الأسماع، أى: تصمها فلا تسمع.
وقال ابن سيده: الصاخة: صيحة تصخ الأذن أي تطعنها فتصمها لشدتها، ومنه سميت القيامة.
ويقال: كأن في أذنه صاخة، أي طعنة (6).
__________
(1) الحاقة: 1 ـ 3.
(2) الفراء، معاني القرآن: 3|179.
(3) الطبرسي، مجمع البيان: 5|342 ـ 343.
(4) ظ: الطريحي، مجمع البحرين: 5|147.
(5) عبس: 33.
(6) ابن منظور، لسان العرب: 4|2.

الصفحة 169