كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين) (1) فشمل الخلائق كلها، وأصناف الأجناس المرئية وغير المرئية مما يدب أدركناه أو لم ندركه، علمنا طبيعة رزقه أو لم نعلم وقوله تعالى: (ومآ أرسلناك إلا كآفة للنّاس بشيرا ونذيرا) (2). يدل أن هذا الرسول العربي الأمين، لم يختص بزمنية، ولم يبعث لطبقة خاصة، فتخطى برسالته حدود الزمان والمكان، فكانت عالمية السيرورة، إنسانية الأحياء، البشارة في يد، والنذارة في يد، لينقذ العالم أجمع من خلال هاتين.
الصيغة الصوتية الواحدة:
وظاهرة أخرى جديرة بالعناية والتلبث، هي تسمية الكائن الواحد، والأمر المرتقب المنظور، بأسماء متعددة ذات صيغة واحدة، بنسق صوتي متجانس، للدلالة بمجموعة مقاطعة على مضمونه، وبصوتيته على كنه معناه، ومن ذلك تسمية القيامة في القرآن بأسماء متقاربة الصدى، في إطار الفاعل المتمكن، والقائم الذي لا يجحد.
هذه الصيغة الفريدة تهزك من الأعماق، ويبعثك صوتها من الجذور، لتطمئن يقيناً إلى يوم لا مناص عنه، ولا خلاص منه، فهو واقع يقرعك بقوارعه، وحادث يثيرك برواجفه .. الصدى الصوتي، والوزن المتراص، والسكت على هائه أو تائه القصيرة تعبير عما ورائه من شؤون وعوالم وعظات وعبر ومتغيرات في:
الواقعه | القارعة | الآزفة | الراجفة | الرادفة | الغاشية، وكل معطيك المعنى المناسب للصوت، والدلالة المنتزعة من اللفظ، وتصل مع الجميع إلى حقيقة نازلة واحدة.
1 ـ الواقعة، قال تعالى: (إذا وقعت الواقعه * ليس لوقعتها كاذبة) (3).
____________
(1) هود: 6.
(2) سبأ: 28.
(3) الواقعة: 1 ـ 2.

الصفحة 171