كتاب الصوت اللغوي في القرآن

وفلان أمن قوارع الدهر: أي شدائده. وقوارع القرآن: نحو آية الكرسي، يقال: من قرأها لم تصبيه قارعة.
وكل شيء ضربته فقد قرعته. قال أبو ذؤيب الهذلي (1).
حتى كأني للحوادث مروة ... بصفا المشرق كل يوم تقرع

قال الطبرسي: وسميت القارعة، لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة إلى أن يصير المؤمنون إلى الأمن (2). والقارعة اسم من أسماء القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع، وتقرع أعداء الله بالعذاب (3).
وأنما حسن أن توضع القارعة موضع الكناية لتذكر بهذه الصفة الهائلة بعد ذكرها بأنها الحاقة (4).
وبمقارنة هذه المعاني، نجدها متقاربة الدلالة، فالقارعة الشدة، وقوارع الدهر شدائده، وكل شيء ضربته فقد قرعته، والقارعة تقرع القلوب بالفزع، وقلوب العباد بالمخافة، وأعداء الله بالعذاب، وهي في موضع كناية للتعبير عن القيامة، من أجل التذكير بصفة القرع، وكلها مفردات إيحائية تؤذن بالقرع في الأذن، وتفزع القلوب بالشدة، تتوالى خلالها المترادفات والمشتركات، لتنتقل بك إلى عالم الواقعة، وهي مجاورة لها في الشدة والهول والصدى والإيقاع.
3 ـ الآزفة، قال تعالى: (أزفة الآزفة * ليس لها من دون الله كاشفة) (5).
وقال تعالى: (وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) (6).
قال الراغب: معناه: أي دنت القيامة ... فعبر عنها بلفظ الماضي لقربها وضيق وقتها (7).
__________
(1) الخليل، العين: 1|156. ... (5) النجم: 57 ـ 58.
(2) الطبرسي، مجمع البيان: 5|342. ... (6) المؤمن: 18.
(3) المصدر نفسه: 5|532. ... (7) الراغب، المفردات: 17.
(4) المصدر نفسه: 5|343.

الصفحة 173