كتاب الصوت اللغوي في القرآن

السماء والكواكب لأنها تنشق وتنتثر كواكبها إثر ذلك» (1). وقال الطبرسي (ت: 548 هـ) الراجفة: يعني النفخة الأولى التي يموت فيها جميع الخلائق، والراجفة صيحة عظيمة فيها تردد واضطراب كالرعد إذا تمخض (تتبعها الرادفة) يعني النفخة الثانية تعقب النفخة الأولى، وهي التي يبعث معها الخلق (2).
وبمتابعة هذه المعاني: النفخة الأولى، النفخة الثانية، الصيحة، التردد، الاضطراب، الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، الواقعة التي تردف الراجفة، انشقاق السماء، انتثار الكواكب، الرعد إذا تمخض، بعث الخلائق وانتشارهم .. إلخ.
بمتابعة أولئك جميعاً يتجلى العمق الصوتي في المراد كتجليه في الألفاظ دلالة على الرجيف والوجيف، والتزلزل والاضطراب، وتغيير الكون، وتبدل العوالم (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) (3).
فتعاقبت معالم الراجفة والرادفة مع معالم الواقعة والقارعة والآزفة، وتناسبت دلالة الأصوات مع دلالة المعاني في الصدى والأوزان.
5 ـ الغاشية، قال تعالى: (هل أتاك حديث الغاشية) (4). وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يريد قد أتاك حديث يوم القيامة بغتة عن ابن عباس والحسن وقتادة (5).
قال الراغب (ت: 502 هـ) الغاشية كناية عن القيامة وجمعها غواش (6).
وقال الزمخشري (ت: 538 هـ): الغاشية الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها، يعني القيامة (7).
__________
(1) الزمخشري، الكشاف: 4|212. ... (5) الطبرسي، مجمع البيان: 5|478.
(2) الطبرسي، مجمع البيان: 5|430. ... (6) الراغب، المفردات: 361.
(3) ابراهيم: 48. ... (7) الزمخشري، الكشاف: 4|246.
(4) الغاشية: 1.

الصفحة 175