كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الجوار الكنس* واليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس) (1).
الصوت بين الشدة واللين:
ولا نريد بهذا الملحظ المظاهر الصوتية للحروف الشديدة أو حروف اللين، وإنما نريد الدلالة الأصواتية للكلمات وهي تتشكل في سياق يمثل الشدة حيناً، والرقة حيناً آخر، في دلالة تشير إلى أحدهما أولهما في ذات اللفظ، أو جملة العبارة.
ومن فضيلة النظم القرآني أن تنتظم هذه الظاهرة في الصوائت والصوامت من الأصوات، والصوائت ما ضمت حروف العلة عند علماء الصرف، وهي: الألف والياء والواو؛ والصوامت بقية حروف المعجم، وهي الصحيحة غير المعتلة.
ويبدو أن الأصوات الصائتة بعد هذا هي الأصوات المأهولة بالانفتاح المتكامل لمجرى الهواء، فتنطلق دون أي دوي أو ضوضاء، وتصل إلى الأسماع مؤثرة فيها تأثيراً تلقائياً في الوضوح والصفاء، وعلة ذلك انبساطها مسترسلة دون تضيق في المخارج.
ويتضح من هذا أن الأصوات الصامتة ما كانت بخلاف ذلك فهي تتسم بتضيّق مجرى الهواء واختلاسه، فتنطلق أصواتها بأصداء مميزة تختلف شدة وضعفاً بحسب مخارجها فتحدث الضوضاء من خلالها نتيجة احتباس الهواء بقدر ما.
ففي الصوائت نلحظ قوله تعالى: (ونفس وما سواها * فألمها فجورها وتقواها) (2). في اقتران الواو والألف في موضع واحد من سوى وتقوى، كما نلحظ اقتران الياء والألف في سقيا من قوله تعالا:
(فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها) (3).
__________
(1) التكوير: 15 ـ 18. ... (3) الشمس: 13.
(2) الشمس: 7 ـ 8.

الصفحة 182