كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الأصوات، وقد تذوق الحروف من مخارجها، وحدد كل صنف من أصناف الحروف المعجمية على بنية صوتية متميزة عن سواها، ووضع مخططاً شاملا لمخرج كل صوت انساني مضاف الى حيزه الخاص، وعرض الى التمايز الصوتي في اللغة، فهو يرى في اللغة امتداداً طبيعياً للأصوات من خلال حصره للمعجم العربي بأبعاد صوتية لم تخطىء ولا مرة واحدة.
2 ـ ووجدنا سيبويه (ت: 180 هـ) قد تأثر بمدرسة الخليل الصوتية فسار على نهجه في كثير من الأبعاد، واجتهد في القسم الآخر، وكان له قدم سبق في قضايا الإدغام، وتمييزه الدقيق بين صفتي الجهر والهمس، ورأينا ابن دريد ـ وهو امتداد لهما ـ يصدر في الجمهرة عن علم الخليل ومنهجية سيبويه، ويضيف بعض الإشارات الصوتية في ائتلاف الحروف.
3 ـ ووقفنا عند الفكر الصوتي لأبي الفتح عثمان بن جني (ت: 392 هـ) باعتباره أول من استعمل مصطلحاً فنياً للدلالة على الأصوات سماه: «علم الأصوات» وكان منهجه الصوتي مثار إعجاب للبحث بما صح أن يطلق عليه اسم الفكر الصوتي، لأنه يتمحّض لهذا العلم، ويعرض فيه عصارة تجاربه الصوتية دقيقة منظّمة، ويتفرغ لبحث أصعب المشكلات الصوتية بترتيب حصيف في بحوث قيّمة عرضت لجوهر الصوت في كتابيه: سر صناعة الاعراب والخصائص.
وكان منهجه يضم تتبع الحروف من مخارجها وترتيبها على مقاطع، وإضافته ستة أحرف مستحسنة بأصواتها إلى حروف المعجم، وثمانية أحرف فرعية مستقبحة بأصواتها، ويحصر مخارج الحروف في ستة عشر مخرجاً تشريحياً منظّراً له بأمثلته، فكان فكر ابن جني الصوتي قد حقق نظاماً أصواتياً قارنّاه بالفكر الصوتي العالمي من خلال هذه الظواهر:
أ ـ مصدر الصوت ومصطلح المقطع.
ب ـ جهاز الصوت المتنقل.
جـ ـ أثر المسموعات في تكوين الأصوات.
د ـ محاكاة الأصوات.

الصفحة 197