كتاب الصوت اللغوي في القرآن

3 ـ الصيغة الصوتية الواحدة، وهي ظاهرة جديرة بالعناية لتسمية الكائن الواحد النازل، والآخر المرتقب المنظور بأسماء متعددة ذات صيغة هادرة، بنسق صوتي متجانس، للدلالة بمجموعة مقاطعه الصوتية على مضمونه في الإيحاء والرمز، وبوقعه الخاص على كنه معناه، ومن ذلك تسمية: القيامة في القرآن بأسماء متقاربة الأبعاد في إطار الفاعل المتمكن المريد، والكائن الحي القائم.
4 ـ دلالة الصدى الحالم، في استكناه الأصداء الرقيقة الهادئة لألفاظ ملؤها الحنان والرحمة لدى تأديتها معانيها ضمن أصواتها، ومن خلالها مقاطعها، فتوحي بمؤادها مجردة عن التصنيع، والبديع، فهي ناطقة بمضمونها، هادرة بإرادتها، دون إضافة بيانية، أو إضاءة هامشية.
5 ـ دلالة النغم الصارم في التماس أصوات الصغير في وضوحها، وأصدائها في أزيزها نتيجة التصاقها في مخرج الصوت، واصطكاكها في جهاز السمع، فهي في الكلمات تؤدي مهمة الإعلان الصريح عن الحدث، وهي في العبارة تجسد حقيقة المراد في التأكيد عليه، فتعبر عن الشدة حيناً، وعن العناية حيناً آخر، مما يشكل نغماً صارماً في الصوت، وأزيزاً مشدداً في السمع.
6 ـ الصوت بين الشدة واللين، بملاحظة الصوائت والصوامت من الأصوات، فالصوائت مأهولة في الانفتاح المتكامل لمجرى الهواء، فتنطلق مقاطعها فيه دون دوي أو ضوضاء، فتؤثر في الأسماع وضوحاً وصفاء. والصوامت بخلاف هذا فهي تتسم بالضوضاء نتيجة احتباس الهواء، وجري النفس وما ذلك إلا لتضييق مجرى الهواء واختلاسه، فتنطلق أصواتها محدثة الضجيج والصوت الرنّان، وكان تفسير هذا وذاك خاضعاً بطبيعته لنماذج موفورة من ألفاظ القرآن العظيم.
7 ـ الألفاظ دالة على الأصوات، وقد توافرت في القرآن طائفة من الألفاظ الدقيقة عند إطلاقها، بكون اللفظ يدل على ذات الصوت، والصوت يتجلى فيه اللفظ نفسه، بحيث يستخرج الصوت من الكلمة، وتؤخذ الكلمة من الصوت، وهذا من باب مصاقبة الألفاظ للمعاني بما يشكل أصواتها، فتكون أصوات الحروف على سمت الأحداث، فيبرز

الصفحة 203