كتاب الصوت اللغوي في القرآن

2 ـ المماثلة التقدمية، ومعناها: أن يماثل الصوت الأول الصوت الثاني.
3 ـ المماثلة المزدوجة، ومعناها: أن يماثل صوت الصوتين اللذين يحوطانه (1).
والمماثلة في أنواعها متناسقة الدلالة في اللغة العربية في حالات الجهر والهمس، والشدة والرخاوة، والانطباق والانفتاح، مما يتوافر أمثاله في مجال الصوت، وتنقل مجراه.
إن انتقال حالة الجهر في الصوت العربي إلى الهمس في المماثلة الرجعية شائع الاستعمال في أزمان موقوتة لا تتعداها أحياناً إلى صنعة الملازمة والدوام، وإنما تتبع حالة المتكلم عند الممازجة بين الأصوات أو في حالة الإسراع، وهناك العديد من الكلمات العربية قد أخضعت لقانون المماثلة الرجعية، وهي أوضح فيما اختاره عبدالصبور شاهين، فالكلمة (أخذت) مثلاً مما نظّر له عنها، (أخذت) حينما تنطق آنياً (أخَتُ) فقد آثرت التاء في (أخذت) وهي مهموسة، في الذال قبلها وهي مجهورة، فأفقدتها جهرها، وصارت مهموسة مثلها، وتحولت إلى تاء، ثم أدغم الصوتان.
أما عن المماثلة التقدمية، فإن في العربية باباً تقع فيه هذه المماثلة بصورة قياسية، في صيغة «افتعل ـ افتعالاً» حيث يؤثر الصامت الأول في الثاني، قال تعالى: (واًدّكَرَ بَعدَ أمَّة أنَا أنَبّئُكُم بتَأويله فَأَرسلُون) (2). الفعل: هو ذكر، وصيغة (افتعل ـ افتعالاً) منه (إذتكر ـ إذتكاراً) إذ تزاد الألف في الأول، والتاء تتوسط بين فاء الفعل وعينه، فيكون الفعل (إذتكر) والذال مجهورة، والتاء مهموسة، فتأثرت التاء بجهر الذال، فعادت مجهورة، والتاء إذا جهر بها عادت دالاً، فتكون: (إذ دكر) والدال تؤثر في الذال بشدتها، فتتحول الذال من صامت رخو إلى صامت شديد (دال) ثم تدغم الدالان، فتكون «إدَّكَرَ» (3).
__________
(1) ظ: مالمبرج، علم الأصوات: 141بتصرف وأختصار.
(2) يوسف: 45.
(3) ظ: عبد الصبور شاهين، علم الأصوات الدراسة: 145 بإضافة وتصرف.

الصفحة 25