كتاب الصوت اللغوي في القرآن

قرأنياً في سور متعددة، وخطابياً عند النبي 7 والأئمة والصحابة وفصحاء العرب في جملة من الخطب.
اتضح لزميلنا الدكتور خليل العطية أن ابن جني (ت: 392 هـ) في عبارته (التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم) (1) يمكن أن يشار عنده بها إلى مصطلحي النبر والتنغيم، بما تتفتّق معاني ألفاظ العبارة من دلالات لغوية فقال:
«وتشير ألفاظ التطويح والتطريح والتّفخيم من خلال معانيها اللغوية إلى رفع الصوت وانخفاضه والذهاب به كل مذهب، وهي على هذا إشارة الى النبر، وليس النبر غير عملية عضوية يقصد فيها ارتفاع الصوت المنبور وانخفاضه، كما أن تمطيط الكلام، وزوي الوجه وتقطيبه، مظهر من المظاهر التي تستند عليها ظاهرة التنغيم» (2).
فإذا نظرنا إلى تعريف التنغيم عند الأوروبيين بأنه «عبارة عن تتابع النغمات الموسيقية أو الإيقاعات في حدث كلامي معين» (3)، ثبت لدينا أن هذا التعريف الفضفاض لا يقف عند حدود في التماس ظاهرة التنغيم وضبطها، لأن تتابع النغمات والإيقاعات بإضافتها إلى الحدث الكلامي تختلف في هبوطها وصعودها نغماً وإيقاعاً، فهي غير مستقرة المستويات حتى صنف مداها عند الدكتور تمام حسان إلى اربعة منحنيات: «مرتفع وعال ومتوسط ومنخفض» (4).
ومعنى هذا أن ليس بالإمكان قياس مسافة التنغيم ليوضع له رمز معين، أو إشارة معلمة عند العرب، لهذا فقد كان دقيقاً ماتوصل إليه زميلنا الدكتور طارق الجنابي باعتباره التنغيم «قرينة صوتيية لا رمز لها، أو يعسر أن تحدد لها رموز، ومن ثم لم يكن موضع عناية اللغويين القدامى، ولكنه وجد من المحدثين اهتماماً خاصاً بعد أن أضحت اللغات المحكية
__________
(1) ابن جني، الخصائص: 2|370.
(2) خليل إبراهيم العطية، في البحث الصوتي عند العرب: 67 وما بعدها.
(3) ماريو باي، أسس علم اللغة: 93.
(4) ظ: تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها: 229.

الصفحة 28