كتاب الصوت اللغوي في القرآن

ز. س. ظ.
ذ. ث. ف.
ب. م. و (1).
وهذا وإن كان خلافاً جوهرياً في ترتيب مخارج الأصوات، إلا أنه لا يعني أكثر من العملية الاجتهادية في الموضوع دون الخروج عن الأصل عند الخليل. «كذلك نلاحظ اختلافاً واحداً في ترتيب المجموعات الصوتية بالنظر إلى تقدمها وتأخرها، فقد جاءت حروف الصغير في كتاب العين بعد الضاد، وهو حرف حافة اللسان، والذي عند سيبويه بعد الضاد: حروف الذلاقة. ونتيجة لتقديم حروف الصفير، فقد وضع مكانها حروف الذلاقة، ومعنى ذلك أنه في العين حدث تبادل بين حروف الصفير وحروف الزلاقة» (2).
إن الاختلاف من هذا القبيل لا يعدو وجهة النظر الصوتية المختلفة، ولكنه لا يمانع أن تكون آراء سيبويه في الكتاب امتداداً طبيعياً لمدرسة الخليل، نعم لا ينكر أن لسيبويه ابتكارته المقررة، فنحن لا نبخس حقه، ولا نجحد أهميته في منهجة البحث الصوتي، فقد كان له فضل بذلك لا ينكر، فتصنيفه لصفات الأصوات في الجهر والهمس والشدة والرخاوة والتوسط، وكشفه لملامح الإطباق واللين، وتمييزه لمظاهر الاستطالة والمد والتفشي، كل أولئك مما يتوّج صوتيته بالأصالة.
ولسيبويه قدم سبق مشهود له في قضايا الإدغام، وهي معالم صوتية في الصميم، فقد قدم لها بدراسة علم الأصوات، كما قدم الخليل معجمه بعلم الأصوات، فالخليل قد ربط بين اللغة والصوت، وسيبويه قد ربط بين قضايا الصوت نفسها، لأن الإدغام قضية صوتية «ونحن نقرر هنا مطمئنين أن سيبويه قد وضع قواعد هذا البحث وأحكامه لا لفترة معينة من الزمن،
__________
(1) المصدر السابق والصفحة.
(2) حسام النعيمي، الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جنّي: 229.

الصفحة 53