كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الصاد، الزاي، السين، الظاء، الذال، الثاء، الفاء، الباء، الميم، والواو ـ (1).
وهذا الترتيب مخالف للخليل، وفيه بعض المخالفة لسيبويه في ترتيبه كما يظهر هذا لدى المقارنة في جدولة الترتيبين كما سبق.
وابن جني لا يخفي هذا الخلاف بل ينص عليه، ويذهب إلى صحة رأيه دونهما فيقول:
«فهذا ترتيب الحروف على مذاقها وتصعدها، وهو الصحيح، فأما ترتيبها في كتاب العين ففيه خطل واضطراب، ومخالفة لما قدمناه آنفاً محاربته سيبويه، وتلاه أصحابه عليه، وهو الصواب الذي يشهد التأمل له بصحته» (2).
ثانياً: ويضيف ابن جني إتماماً لنظريته في الأصوات: ستة أحرف مستحسنة على حروف المعجم العربي، وثمانية أحرف فرعية مستقبحة، ولا يصح ذلك عنده إلا بالسمع والمشافهة، حتى تكون حروف المعجم مع الحروف الفرعية المستحسنة خمسة وثلاثين حرفاً، وهما مع الحروف الفرعية المستقبحة ثلاثة وأربعون حرفاً.
ولا معنى لهذه الإضافات من قبله لو لم يكن معنياً بالصوت، فحروف العربية تسعة وعشرون حرفاً، لا شك في هذا، ولكن الحروف المستقبحة والمستحسنة التي أضافها، وإن لم يكن لها وجود في المعجم العربي، إلا أن لها أصواتاً في الخارج عند السامعين، وهو إنما يبحث في الأصوات فأثبتها، فعادت الأصوات في العربية عنده ثلاثة وأربعين صوتاً، وهو إحصاء دقيق، وكشف جديد، وتثبيت بارع.
وقد ذهب ابن جني في هذه الحروف مذهباً فنياً تدل عليه قرائن الأحوال، فهو يعطي استعمالها في مواطنه، وتشخيصها في مواضعه، فالحروف المستحسنة عنده، يؤخذ بها في القرآن وفصيح الكلام، وهي:
__________
(1) ابن جني، سر صناعة الاعراب: 1|50.
(2) المصدر نفسه: 1|50 ـ 51.

الصفحة 60