كتاب الصوت اللغوي في القرآن

بحركة، ولا يبدأ بحركة إطلاقاً خلافاً للغات الأوروبية.
ومن المبادىء الأساسية أن اللغة العربية تبدأ كلماتها بمتحرك واحد، وتختمها إما بحركة، فهو المقطع المفتوح. وإما بصامت، فهو المقطع المقفل. ومن غير الممكن في العربية أن تبدأ الكلمة بمجموعة من الصوامت، أو أن يتخلل الكلمة أكثر من صامتين متجاورين، أو أن تختم الكلمة بمجموعة من الأصوات الصامتة (1).
إذن: حرف صامت + حركة = مقطع، وهذا هو المقطع القصير، وقد يضاف إلى هذا حرف صامت، أو حركة أخرى، فيكون المقطع طويلاً، لأنه تجاوزالحد الأدنى من التكوين، وهو الحرف والحركة، وتخطاهما إلى ثالث، حركة كان هذا الثالث أم حرفاً.
والعربية عادة تتكون الغالبية العظمى من كلماتها من ثلاثة مقاطع في المادة دون اشتقاقها، ففي الثلاثي خذ كلمة: «ذَهَب» في ثلاثة مقاطع هي: ذَ | هَـ | بَ، وكل مقطع هنا مكوّن من حرف وحركة كما ترى.
قال ابن جني، مستفيداً بما قدمه الخليل (2): «إن الأصول ثلاثة: ثلاثي رباعي وخماسي، فأكثرها استعمالاً، وأعدلها تركيباً الثلاثي، وذلك لأنه: حرف يبتدأ به، وحرف يحشى به، وحرف يوقف عليه. وليس اعتدال الثلاثي لقلة حروفه حسب، لو كان كذلك لكان الثنائي أكثر منه لأنه أقل حروفا ... فتمكن الثلاثي إنما هو لقلة حروفه لعمري، ولشيء آخر هو حجز الحشو الذي هو عينه بين فائه ولامه، وذلك لتعادي حاليهما. ألا ترى أن المبتدأ لا يكون إلا متحركاً وأن الموقوف عليه لا يكون إلا ساكناً، فلما تنافرت حالاهما وسطوا العين حاجزاً بينهما لئلا يفجأوا والحسّ بضد ما كان آخذاً فيه» (3).
لقد أدرك الأصواتيون العرب هذا التخطيط المقطعي من ذي قبل
__________
(1) ظ: عبد الصبور شاهين، أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي: 409.
(2) ظ: عبارة الخليل في العين: 1|49.
(3) ابن جني، الخصائص: 1|55 ـ 56.

الصفحة 64