كتاب الصوت اللغوي في القرآن

فأكدوا عليه حتى في تقطيع الوزن العروضي للشعر عند الخليل في حدود، وهو ما أثبته ابن جني في برمجيته للمقاطع في تفصيله.
ولقد أفاد الأوروبيون من هذا الملحظ إفادة تامة، فقد كان المقطع ـ تبعاً للتفكير التقليدي عند الغربيين ـ يتكون من حركة تعتبر دعامة أو نواة، يحوطها بعض الصوامت consonnes وعليه بني اسم consonne أي الذي يصوّت مع شيء آخر، وهو الذي لا يصوت وحده، وأطلق على الحركات اسم مصوتات sonnetes لأنها قادرة على التصويت دون الاعتماد على شيء آخر، ومن هنا كان المفهوم الوظيفي للمقطع، كما جاءت أفكار الحركات والصوامت (1).
وهو نفسه ما تحدث عنه ابن جني، وهو الواقع في الفكر الصوتي عند العرب فالحرف لا ينطق وحده فيشكل صوتاً، إلا بانضمام الحركة إليه، فيتكون بذالك المقطع الصالح للتصويت.
ويرى أتوجسبرسن otto Jespersen: أن الوحدات الأصواتية تتجمع حول الوحدة الأكثر إسماعاً، بحسب درجة الوضوح السمعي، والمقطع طبقاً لرأيه هو المسافة بين حدين أدنيين من الوضوح السمعي.
إن نظرية جسبرسن من بين ما ارتضاه عالم الأصوات الانجليزي دانيال جونز، فهي وصف جيد للمقطع المثالي، ولكنها لا تقول شيئاً لنا عما هو جوهري في المقطع، ولا تقول لنا: أين الحد بين المقاطع، وهو ما يطلق عليه الحد المقطعي (2).
حقاً لقد كان البنيوي السويسري فرديناند دي سوسور أقرب إلى الفكر العربي في تصوره لحدود المقطع الصوتي على أساس درجة الانفتاح في الأصوات، إذ تتجمع الصوامت حول الحركات تبعاً لدرجة الانفتاح، فالحد المقطعي يوجد ويتوافر حين يكون التنقل من صوت أكثر انغلاقاً إلى صوت أكثر انفتاحاً (3).
__________
(1) ظ: برتيل مالمبرج، علم الأصوات: 155.
(2) ظ: المرجع نفسه بتصرف: 157.
(3) ظ: دي سوسور، علم اللغة العام: 77 وما بعدها.

الصفحة 65